فإذا انكمش العبد في أعمال البر فهو إنابته إلى دار الخلود، وإذا خمد حرصه عن الدنيا، ولها عن طلبها، وأقبل على ما يغنيه منها فاكتفى به وقنع، فقد تجافى عن دار الغرور. وإذا أحكم أموره بالتقوى فكان ناظرًا في كل أمر، واقفًا متأدبًا متثبتًا حذرًا يتورع عما يريبه إلى ما لا يريبه، فقد استعد للموت. [١٥/ ٢١٧]
قال الحسن والفراء والكسائي: الميّت بالتشديد: من لم يمت وسيموت، والميْت بالتخفيف من فارقته الروح؛ فلذلك لم تخفف هنا.
قال قتادة: نعيت إلى النبي ﷺ نفسه ونعيت إليكم أنفسكم، وقال ثابت البناني: نعى رجل إلى صلة بن أشيم أخًا له فوافقه يأكل، فقال: ادن فكل فقد نعي إلي أخي منذ حين؛ قال: وكيف وأنا أول من أتاك بالخبر، قال إن الله تعالى نعاه إلي فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ وهو خطاب للنبي ﷺ أخبره بموته وموتهم. [١٥/ ٢٢٢]