موضع آخر في معرض المدح، فاحتمل أن يكون أحدهما رافعًا للآخر، واحتمل أن يكون ذلك راجعًا إلى حالتين إحداهما: أن يكون الباغي معلنًا بالفجور، وقحًا في الجمهور، مؤذيًا للصغير والكبير، فيكون الانتقام منه أفضل، وفي مثله قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فتجترئ عليهم الفساق.
الثانية: أن تكون الفلتة، أو يقع ذلك ممن يعترف بالزلة ويسأل المغفرة، فالعفو هاهنا أفضل، وفي مثله نزلت: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾.
يحكى أن رجلاً سب رجلاً في مجلس الحسن ﵀، فكان المسبوب يكظم ويعرق فيسمح العرق، ثم قام فتلا هذه الآية ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)﴾ فقال الحسن: عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون. [١٦/ ٤٠]