أمر بأن ينظروا في خلقه ليعتبروا به فيتفكروا في قدرته فقال: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣)﴾، أي: اردد طرفك إلى السماء. ويقال: قلّب البصر في السماء. ويقال: اجهد بالنظر إلى السماء. والمعنى متقارب، وإنما قال: ﴿فَارْجِعِ﴾ بالفاء وليس قبله فعل مذكور؛ لأنه قال: ﴿مَا تَرَى﴾، والمعنى: انظر ثم ارجع البصر هل ترى من فطور. قاله قتادة.
والفطور الشقوق. عن مجاهد والضحاك.
وقال قتادة:«من خلل». وقال السدي:«من خروق». وعن ابن عباس:«من وهن». وأصله من التفطر، والانفطار وهو الانشقاق. قال الشاعر:
بنى لكم بلا عمد سماءً … وزينها فما فيها فطورُ
[١٨/ ١٨٤]
(١٢٣٢) من قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك: ٤].
﴿كَرَّتَيْنِ﴾ في موضع المصدر؛ لأن معناه: رجعتين، أي: مرة بعد أخرى، وإنما أمر بالنظر مرتين؛ لأن الإنسان إذا نظر في الشيء مرة لا يرى عيبه ما لم ينظر إليه مرة أخرى، فأخبر تعالى أنه وإن نظر في السماء مرتين لا يرى فيها عيبًا، بل يتحير بالنظر إليها فذلك قوله تعالى: ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا﴾، أي: خاشعًا صاغرًا متباعدًا عن أن يرى شيئًا من ذلك. [١٨/ ١٨٤]