يذكر أن مالكًا ﵀ دخل المسجد بعد صلاة العصر، وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر، فجلس ولم يركع، فقال له صبي: يا شيخ قم فاركع. فقام فركع ولم يحاجه بما يراه مذهبًا، فقيل له في ذلك، فقال: خشيت أن أكون من الذين: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨)﴾.
وظن قوم أن هذا إنما يكون في القيامة وليست بدار تكليف فيتوجه فيها أمر يكون عليه ويل وعقاب، وإنما يدعون إلى السجود كشفًا لحال الناس في الدنيا فمن كان لله يسجد يمكن من السجود، ومن كان يسجد رئاء لغيره صار ظهر طبقًا واحدًا. [١٩/ ١٤٨]
أي: إن لم يصدقوا بالقرآن الذي هو المعجز والدلالة على صدق الرسول ﵇ فبأي شيء يصدقون! وكرر ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ لمعنى تكرير التخويف والوعيد.
وقيل: ليس بتكرار؛ لأنه أراد بكل قول منه غير الذي أراد بالآخر، كأنه ذكر شيئًا فقال: ويل لمن يكذب بهذا، ثم ذكر شيئًا آخر، فقال: ويل لمن يكذب بهذا، ثم ذكر شيئًا آخر، فقال: ويل لمن يكذب بهذا، ثم كذلك إلى آخرها. [١٩/ ١٤٩]