ويظهر أن صلة قبيلة جهينة بالمدينة كانت عريقة وقديمة، حيث أن هنالك بعض الأسر القريبة النسب إلى جهينة كبني أنف المنسوبين إلى قبيلة بليّ، كانوا استوطنوا المدينة قبل الأوس والخزرج.
ولما جاء الإسلام، وجدت في المدينة جالية كبيرة من جهينة، ومن المستبعد أن يكونوا كلهم ممن هاجر بعد ظهور الإسلام، يوضح هذا أن قبيلة جهينة كانت من أسرع القبائل استجابة للدعوة الاسلامية ومؤازرتها وهي في بلادها، ولهذا لم تكن بحاجة إلى أن لتهاجر من تلك البلاد وقد ظهر فيها الإسلام.
ومما تجب ملاحظته أن كثيرا من تلك المواضع قد انتقلت إلى غيرها من القبائل منذ عهد بعيد، ومواضع أخرى تشارك جهينة فيها قبائل أخرى، ومواضع ثالثة قد تكون نسبتها إلى جهينة من قبيل الجوار، أو كانت قبائل أخرى تشارك جهينة في الاستيطان في كثير من منازلها ومواضعها. ومن القبائل التي جاورت قبيلة جهينة قبيلة عنزة، كما جاورت جهينة في منازلها واختلطت بها قبيلة حرب.
ويضاف إليها في تاريخها: وقد انتشرت جهينة في صدر الإسلام، انتشارا عظيما في بلاد مصر، واستمرت تنمو وتتكاثر حتى أصبحت أكثر القبائل في الصعيد عددا.
وبعد انتشار جهينة في مصر وبلوغها من القوة درجة تجعل حكام البلاد يناوؤنها العداوة ويحاولون إضعافها، ويناصرون عليها القبائل الاخرى، انساح قسم كبير منها إلى البلاد المتصلة بمصر.
وقد دخلت جهينة السودان في موجات متعددة، واتجه معظمها من طريق وادي النيل إلى الشرق، حيث بلاد البجة وساحل البحر الأحمر، واكتظت بها المنطقة الواسعة التي تبدأ من حلف الحالية إلى شمالي غربي الحبشة، وكان لجهينة أثر قوي في الضغط على مملكة النوبة المسيحية الشمالية مملكة المقرة، حتى أزالتها، ثم اندفعت إلى الغرب ثم إلى الجنوب، فشغلت بقاعا مترامية