للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعفو من الله - في الحلال والحرام - تشريع مثل "التقرير" في حق رسوله إذ كلاهما سكوت عن الإنكار والمؤاخذة. فإذا كانت الحاجة لبيان الحكم في زمن التشريع ثم سكت عنه فهو عفو، حكمه الجواز ولا حرج في فعله، ومنهاج العلماء معه السكوت كفعل النبي لأنهم ورثته، ولا يشغل بقياس أو اجتهاد إذ نهينا أن نبحث عنه .. إنما القياس في ما بعد التشريع من النوازل الحادثة، أما ما كان زمنَ التشريع فقد تبين قصد العفو عنه. والشريعة تناولت كل أعمال العباد المطلوبة ثم كان منها ما هو عفو غير مأمور به ولا منهي عنه ولا مأذون فيه، فهو غير مقصود أصالة للتشريع أي لم يتوجه إليه قصد الشرع بالطلب، وليس هو من القربات في شيء لأن بيانها بالعمل، وبيان "العفو" السكوت كما قال: "وسكت عن أشياء ".

[(٦٥) باب ما جاء في ذم الاختلاف في الدين بين العلماء الراسخين]

وقول الله في الذين جاءوا بعد المختلفين (وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب)

(١) - ابن أبي شيبة [٣٢٠٧] حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: اختلف أبي بن كعب وابن مسعود في الصلاة في الثوب الواحد، فقال أبي: ثوب، وقال: ابن مسعود: ثوبان، فخرج عليهما عمر فلامهما وقال: إنه ليسوؤني أن يختلف اثنان من أصحاب محمد في الشيء الواحد! فعن أي فتياكما يصدر الناس؟ أما ابن مسعود فلم يأل، والقول ما قال أبي اه

فأفاد أن اختلاف أهل العلم يورث الشبهة والإشكال في الدين .. وقد تقدم عن علي نحوه.

(٢) - الطحاوي [٣٣٥] حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حبيبة قال سمعت عبيد بن رفاعة الأنصاري يقول: كنا في مجلس فيه زيد بن ثابت فتذاكرنا الغسل من الإنزال. فقال زيد: ما على أحدكم إذا جامع فلم ينزل إلا أن يغسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة. فقام رجل من أهل المجلس، فأتى عمر فأخبره بذلك. فقال عمر

<<  <   >  >>