للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السمحة، وأبعد عن التكلف في العمل والاستدلال، وقد نهينا عن التكلف [خ ٦٨٦٣]، وإنما ذكرت هذا ونحوه لأبين بطلان ما انتحلوا على لسان الأصوليين أنفسهم (١).

وقد رام هذا النهج الحكيم بعض أهل العلم في زماننا فأشارت إليه أصابع التهم والسخرية .. ! ثم إنهم يوم القيامة عند ربهم يختصمون.

[فصل في بيان أن قول الله تعالى (فاتبعوه) جامع للاتباع في القصد مع العمل]

كما قال عمر: من أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله فليصل فيها ولا يتعمدنها اه ومنه إنكار عائشة وابن عباس التحصيب لأنه ليس مقصودا شرعا قالت عائشة: نزول المُحَصَّب ليس بسنة إنما نزله رسول الله لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج اه [خ ١٧٦٥/ م ١٣١١] أي لم يقصد التعبد به. ومن أثبته من الصحابة فلقرينة أفادت ثبوت القصد وصحة التعبد به، فقد روى مسلم [٣٢٢٧] عن ابن عمر أن النبي وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح. ورَوَى مسلم [٣٢٣٥] عن أبي هريرة قال: قال لنا رسول الله ونحن بمنى: نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر اه فهذا يدل على أن نزول النبي لمعنى شرعي، وهذه زيادة علم. والشاهد هنا معرفة سبيل النظر والاستدلالِ عندهم، إذ كانوا يَتَّبَّعون مقاصد النبي . وقال البخاري في «باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال من كتاب الصلاة»: وكان أنس ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد الانفتال عن يمينه اه ثم روى [٨٥٢] عن عبد الله بن مسعود قوله: لا يجعل أحدكم للشيطان شيئا من صلاته يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيت النبي كثيرا ينصرف عن يساره اه فلا بد من اتباع السنة في النية في الظاهر والباطن. فما لم يتحره لم يصلح تحريه. وقد قال الله


(١) - أحسن ما وقفت عليه في الأصول كتاب الموافقات والاعتصام، أصاب الرجل فيهما خيرا، أسرعت به أصوله المالكية، لكن أبطأت به أصوله الكلامية، كان أشعريا.

<<  <   >  >>