للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه فعل حسن بالقرينة الدالة على الرضا لا بالسكوت، فهو أحرى أن يلحق بالسنة القولية، لأن الإشارة كالقول الدال على الحكم، وهذا تجده مندرجا تحت قول من الأقوال الخاصة إذا فتشت كآية التيمم في قصة عمرو فإنه بمنزلة المرض، يؤيده حديث الشجة [د ٣٣٦].

- ونوع خلا من ذلك، فهذا السكوت مع عدم الدلالة على الرضا يشعر بأنه إنما عفا لرفع الحرج خصوصا إذا كان قد زهّدَ فيه قبل ذلك، مثل العزل. ومنه ما روى البخاري [٦٧٨٩] عن أم عطية قالت: بايعنا النبي فقرأ علينا (أن لا يشركن بالله شيئا) ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة منا يدها فقالت: فلانة أسعدتني وأنا أريد أن أجزيها. فلم يقل شيئا فذهبت ثم رجعت. فما وفت امرأة إلا أم سليم وأم العلاء وابنة أبي سبرة امرأة معاذ أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ اه هذا الصنف لا ينبغي أن يدخل في السنة أصلا، ولا يؤخذ منه أن ذلك العمل من المباح المأذون فيه، ولكن حقه السكوت عنه في مثل تلك الحال كما سكت عنه نبي الله .

والقصد معرفة منهاج النبي في التشريع لمعرفة مراتب الأحكام، والمقصود للتشريع مما لم يقصد، والأَولى فالأولى، و لاتِّباع المنهاج في البيان فإنه سنة متبعة. وبالله التوفيق.

[فصل في أن أكثر بيان النبي كان بالعمل]

هذا من منهاج النبي في البلاغ، أعطي جوامع الكلم فلم يكن كثير الكلام ولكن العمل، كما قال: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة وإن من البيان سحرا اه وهو ما فعله عمار بن ياسر وكان عليه أصحابه، كما قالت عائشة: ولا تُحَدث في الجمعة إلا مرة فإن أبيت فمرتين اه

وتقدم نحوه عن ابن عباس وابن مسعود، لذلك أنكرت عائشة على أبي هريرة كثرة التحديث في المجلس الواحد وقالت: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم اه زاد الترمذي [٣٥٧٢]: ولكنه كان يتكلم بكلام بَيِّن فصلٍ يحفظه من جلس إليه اه فأنكرت عليه منهج التحديث دون الرواية، فإنه صادق مصدَّق، وحافظ مأمون.

<<  <   >  >>