للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحري بأهل السنة أن يحيوا القول والعمل بالإفراد الذي يوشك أن ينسى ..

والمقصود أن الحديث قد صح عن النبي وفهم منه المتأخرون خلاف ما فهم منه السابقون، فخالفوا السنة، وبالله التوفيق.

لذلك متى قيل: إذا صح الحديث فهو مذهبي، فمعناه لا يتم إلا بتقدير محذوف اقتضاء: وكان سنة فهو مذهبي، كما يقدر ألا يكون منسوخا ولا متشابها ولا خاصا ونحو ذلك، والمعنى: إذا صحت السنة فهي مذهبي ..

فما يذكر الأصوليون في تعريف السنة أنها قول النبي وفعله وتقريره ينظر فيه، فما كل ما روي من فعل رسول الله ولا قوله يكون سنة، وما التقرير في أصله سنة رسول الله، ولكنه عفو عفا عنه، وقد تثبت السنة من غير أن يروى حديث ينسند إلى رسول الله (١).

ومن اهتدى للفرق بين الحديث الذي يجري فيه ما ذكروا والسنة التي هي العمل المتبع وزالت عنه حجب التقليد، أصاب إن شاء الله خيرا كثيرا.

[فصل في بيان أن الترك سنة فعلية له حكم الأفعال]

قال الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) [الكهف ٣٠] ولم يقل وتركوا السيئات، لأن ترك السيئات عمل صالح. ونظائرها في القرآن كثير. وقوله سبحانه (ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله


(١) - عبد الرزاق [١٢٨٠] عن معمر عن الزهري قال: الحائض تقضي الصوم، قلت: عمن؟ قال: هذا ما اجتمع الناس عليه وليس في كل شيء نجد الإسناد اه ولا يريد الإجماع على مراد المتكلمين. ومثل ذلك ما يثبت من سُنن التَّرك الذي يُعرف بجملة الأحاديث ومجموع العمل. وما يعلم بالتتبع مما يفهم من بين الآثار، كالعلم أن السنة في المسافر إذا ائتم بالمقيم أن يصلي بصلاته ولا يقصر، صح ذلك عن ابن عمر وابن عباس، والعلم حاصل بأن النبي لم يكن يأمر الوافدين على المدينة أن يصلوا خلفه ثنتين ولا الخلفاء الراشدون في زمانهم، وقد كانوا يصلون خلفه، ولا يقول لهم اقصروا فإنكم قوم سفر .. وهذا أمر لا يثبت بالإسناد .. ونظائره في الفقه كثير.

<<  <   >  >>