للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج - مرتين - لا بل لأبد أبد. الحديث. [م ٣٠٠٩]

فتبين أن ترخيصه في فسخ الحج إنما كان لحال العرب ليبين أن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة لا كما أحدثت العرب من تحريمها في أشهر الحج بيانا بالعمل. لذلك قال عمر [م ٣٠٠٦]: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القرآن قد نزل منازله، فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله. الحديث. فالأصل هو الإتمام الذي نزل في القرآن، وإنما عزم عليهم النبي أن يفسخوا الحج رخصة كما قال عمر: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء اه فلما استقر التشريع عُلم ما كان من السنة الأصلَ، وما كان تشريعا موقوتا لعلة. نَعم العمرة في أشهر الحج تامة لكن التمام نوعان كمال واجب مجزئ وكمال مستحب كما هو مشهور، وهو مقتضى كلام عمر قبل (١).

وإنما أنكر عليٌ على عثمان [خ ١٤٨٨] نهيه عن المتعة لا أن الإفراد أفضل، وكان ابن عباس يأمر بالمتعة لما ظهر في الناس من ينكرها على غير مراد عمر (٢). فهو في الحقيقة ليس اختلافا بينهم.


(١) - قال الطبري [الجامع ٣٥٥٣] حدثني أحمد بن المقدام قال حدثنا حزام القطعي قال سمعت محمد بن سيرين يقول: ما أحد من أهل العلم شك أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج اه رواه ابن أبي شيبة [١٣١٩٨] حدثنا وكيع عن يزيد عن ابن سيرين قال: ما أعلمهم يختلفون أن العمرة في غير أشهر الحج أفضل اه وقال [١٣١٩٩] حدثنا يزيد بن هارون عن ابن عون قال: سئل القاسم عن العمرة في أشهر الحج؟ فقال: كانوا لا يرونها تامة اه أي التمام الأكمل.
(٢) - روى أحمد [١٦٩] بسند صحيح عن الصبي بن معبد قال: كنت رجلا نصرانيا فأسلمت فأهللت بالحج والعمرة فسمعني زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة وأنا أهل بهما فقالا: لَهذا أضل من بعير أهله! فكأنما حمل علي بكلمتهما جبل فقدمت على عمر فأخبرته، فأقبل عليهما فلامهما، وأقبل علي فقال: هديت لسنة النبي هديت لسنة نبيك اه فليس قصد عمر ما أراد زيد بن صوحان وصاحبه. وروى البيهقي [ك ٩١٣٥] بسند صحيح عن سالم قال: سئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقيل له: إنك تخالف أباك! قال: إن أبي لم يقل الذي تقولون إنما قال: أفردوا العمرة من الحج أي أن العمرة لا تتم في شهور الحج إلا بهدي وأراد أن يزار البيت في غير شهور الحج فجعلتموها أنتم حراما وعاقبتم الناس عليها وقد أحلها الله ﷿ وعمل بها رسول الله . قال: فإذا أكثروا عليه قال: أفكتاب الله ﷿ أحق أن يتبع أم عمر؟

<<  <   >  >>