للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثنا ابن عون عن محمد - يعني ابن سيرين - أنه كان يرى أن أسرع الناس ردة أهل الأهواء اه سند صحيح.

[هـ - قصد الشرع إلى توحيد العباد على الصراط.]

فالبدع تفرق عن سبيل الله، وتقطع أمر الأمة، هذا ينتصر لها، وهذا يحاربها .. وكل عند نفسه متعبد لله بما يصنع .. قال تعالى (فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون) [المومنون ٥٤] أَمْرَهم أي دينهم قطعوه بينهم زُبُرا أي كتبا جمع زبور، فألَّفُوا كتبا في "تصورات" لهم ومذاهبهم وقالوا: بها نفهم كلام الله، وهي المثناة في حديث عبد الله بن عمرو المذكور. فاختلفوا، فتقطعوا أمرهم، وصاروا أحزابا متفرقين. وتأمل الموصول " ما " كيف يدل على غاية في التحقير لأن التنكير في سياق الذم يفيد التحقير، أي أن ما أحدثوه وهم به فرحون نكرة لا يعرف في الدين، ولا قيمة له عند رب العالمين. ولماَّ ذكر الدين الذي هو الحق عرَّفه بالإضافة فقال "أمرهم " أي أنهم تركوا المعلوم صدقه وعاقبته إلى ما لا يعلمون!!

وقد أخبرنا الصادق المصدوق أن هذا الأمر واقع في الأمة بقوله: لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم قلنا: يا رسول الله آليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ اه [خ ٦٨٨٩/ م ٢٦٦٩]. والله المستعان. وهو ما حذر الله ﷿ عباده في قوله (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) [الأنعام ١٥٤]

وقد روى ابن جرير [التفسير ١٨١٣] حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قوله (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء) قال: بلى! قد كانت أوائل النصارى على شيء، ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا، وقالت النصارى (ليست اليهود على شيء) ولكن القوم ابتدعوا وتفرقوا اه وغاية ما أحدثه أولئك كان بدعوى أنه " بدعة حسنة " .. !

وقد قال أبو عبيد [فضائل القرآن ٤٤] ثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال: إن هذا الصراط محتضَر، تحضره الشياطين، يقولون: هلم يا عبد الله، ليصدوا عن سبيل الله، فعليكم بكتاب الله فإنه حبل الله اه فبين أن من أراد أن يسلك

<<  <   >  >>