للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر البيان لمعنى قول الله (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)]

هذا من جوامع الكلم الدالة على أن الله لا يقبل يوم القيامة من العمل إلا ما كان سنة ومن السنة إلا الخالص له سبحانه، وقال الله جل في علاه (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا) هذا اتباع السنة (إنه بما تعملون بصير) [هود ١١٢] الإخلاص. وقال سبحانه (واتبع ما يوحى إليك من ربك) أمر باتباع السنة (إن الله كان بما تعملون خبيرا) [الأحزاب ٢] تنبيه على الإخلاص. وقال جل في علاه (إنما تنذر من اتبع الذكر) اتباع السنة (وخشي الرحمن بالغيب) [يس ١١] الإخلاص. وقال: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) [التوبة ١٠٠] فالشرط هو جمع الاتباع لهم بالإحسان وهو في معنى الإخلاص في حديث جبريل. وقال سبحانه (وأن أقم وجهك للدين حنيفا) اتباع السنة (ولا تكونن من المشركين) [يونس ١٠٥] إخلاص الدين لله. كذلك قوله سبحانه (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا) هو السنة (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) [الكهف ١١٠] الإخلاص (١).

فهذه من جوامع الكلم التي أعطيها نبي الله ، ونظائرها في السنة مشهورة.

لذلك كانت النية الحسنة لا تصيِّرُ البدعةَ حسنةً، وقد كان الأوائل ينكرون العمل ولا يستفصلون عن صلاح النية، فيدل على عدم الاشتراط في القبول والرد، و ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال كما ذكر عن الشافعي .

يؤيدها ما صرح فيه المنكَر عليه بصلاح القصد كما قالوا لابن مسعود: ما أردنا إلا الخير! بل ما من عامل إلا وهو يزعم أنه قاصد ببدعته الخير والزلفى إلى الله. فشرط قبول العمل الإخلاص مع وفاق السنة، فإذا عدم أحدهما كان العمل ردا عياذا بالله تعالى.


(١) - روى الهروي [ذم الكلام ٤٧٣] بسنده عن محمد بن الفضل بن سلمة قال: قلَّ ما جلسنا إلى فضيل إلا أتانا بهاتين الكلمتين: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، ولا يقبله إلا على السنة اه

<<  <   >  >>