للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في بيان السنة في الوسائل]

الأمر عندهم أن وسائل القربات يتوقف فيها لاقترانها بها، وإن كان الأصل فيها مجردة عن القربة الإذن. كقولهم في المنديل للوضوء والوسادة في الصلاة ونحو ذلك، وربما أخذ التابع حكم متبوعه كما قال الآخِرون.

فينظر إن كانت تعارض سنة الترك أي وجدت مظنة الحاجة إليها زمن النبي ثم تركها فالسنة الزهد فيها اتباعا لنبي الله، وتلحق بالبدع، مثل الأذان للعيد لم يشرع العمل به لأنَّ تركه دليل الإلغاء.

ولا يقال هنا: إن للوسائل أحكام مقاصدها وإذا صح المقصود صحت الوسيلة! لأن هذا المعنى هو في الوسائل التي يتوقف حصول المطلوب عليه، كما قالوا: ما لا يتم المطلوب إلا به فهو مطلوب بدلالة الالتزام. وما هذا بابه لا يتركه النبي ما وجد في زمانه. ومن زعم في شيء من ذلك أنه مطلوب غلط.

والأمثلة عليها في أزماننا كثيرة، منها اتخاذ السياسة وسبلها .. وسيلة للإصلاح، فإنها - فضلا عما فيها من محاذير ووجوه المخالفة - لم تكن من هدي النبي وكان الداعي للأخذ بها في زمانه قائما، وكذلك لم يحرص عليها المسلمون في هجرة الحبشة على ما علم من قربهم من النجاشي الملك .

وحال عامة من وثب "للتغيير" و"الخلافة" وذهل عن العلم والعمل والرجوع به إلى زمن الخلافة الراشدة كما روى البخاري [٦٦٩٥] عن أبي المنهال قال: لما كان ابن زياد ومروان بالشأم ووثب ابن الزبير بمكة ووثب القراء بالبصرة فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل علية له من قصب، فجلسنا إليه فأنشأ أبي يستطعمه الحديث فقال: يا أبا برزة ألا ترى ما وقع فيه الناس؟ فأول شيء سمعته تكلم به: إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش، إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد حتى بلغ بكم ما ترون، وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم! إن ذاك الذي بالشأم والله إن يقاتل إلا على الدنيا وإن هؤلاء الذين بين

<<  <   >  >>