للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميع أمر الآخرة في كلمة: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد. وجمع أمر الدنيا في كلمة: إنما الأعمال بالنيات، يدخلان في كل باب اه

فصل في معرفة ما يعفى عنه من الاختلاف في الدين وسُنَنِهِ

جاء النبي لتعليم الناس ما ينفعهم، ويحكم بينهم فيما فيه يختلفون. ثم أنذر الأمة، وأخبر أن الخلاف واقع فيها كحال الذين من قبل، وأنه كائن متى نسي الناس حظا مما ذكروا به كما قال الله تعالى (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) [المائدة ١٤] ومهما اختلف الناس فنسوا، فلا تنس هذه القواعد المحكمة:

أ- قول الله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) [النساء ٨١] وهذه الآية أصل في أن الدين كله لا اختلاف فيه، وما ظُن اختلافا فإنما يحتاج إلى تدبر لذلك قال (أفلا يتدبرون القرآن) وهذه قضية معلومة بالضرورة لا تحتاج إلى استدلال إلا الذكرى.

ب - قول الله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) [النساء ٥٨] وهو من جوامع الكلم الدالة على أن كل ما ينفع الناس في دينهم مبين في الكتاب والسنة، ولفظ "شيء" نكرة في سياق الشرط تفيد العموم في كل شيء صغر أو كبر فإن جوابه عند الله في الكتاب وعند رسوله في السنة. وقال سبحانه (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) [يونس ٥٧] أي شفاء لكل ما يختلج في الصدور، فكل مسألة دقت أو عظمت ففي القرآن الشفاء من اللَّبس الوارد عليها. وقال جل وعلا في سورة النحل (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) [النحل ٨٩] وقال (ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء) [يوسف ١١١] وغيرها كثير. وقد قسم النبي أحكام الشريعة من حيث البيان إلى ثلاثة: حلال بين، وحرام بين، وشبهات غامضة لا يعلمها إلا القليل لجهلهم بحدود ما أنزل الله على رسوله، فقال : إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس اه [خ ٥٢/ م ١٥٩٩] أي يعلمهن القليل وهم الراسخون.

<<  <   >  >>