للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين من قبلهم مثل قولهم. وقال سبحانه (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) [يونس ١٠٦] فإن فعلت إن دعوت غير الله. وقال جل في علاه (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) [الأعراف ١٨٠] والإلحاد مطلق يتناول القول والعمل.

وقال النبي : " لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ". [خ ٥٠٢٦] عملت مثله أي قمت أتلوه مثله. وفي الصحيح [خ ١١٤٤] عن ابن مسعود أن رسول الله علمهم التشهد فقال: "قولوا التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح، في السماء والأرض". فعلتم ذلك قلتم ذلك. وقال رسول الله : "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه" [خ ٦٠٤٠] فسمى القول عملا.

ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: من عد كلامه من عمله قل كلامه اه [عبد الرزاق ١٩٧٩٥ وغيره] ويروى عن أبي هريرة نحوه [جامع ابن وهب ٣٧٤] وكان مالك يسمي فتاوى أهل المدينة عملا. وهذا شائع جدا.

[فصل في بيان الفرق بين الحديث والسنة]

السنة في لسان العرب الذي به نزل القرآن وبه تكلم رسول الله الطريقة المتبعة المعمول بها بعد من سنها، إنما يسمى الخطاب سنة إذا عُمل به، فإذا عُمل به كان سنة (١)، كما قال رسول الله : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده. الحديث. كذلك سنة رسول الله هي طريقته وطريقة أصحابه بعده.


(١) - قال الأزهري: قال شمر: السُنّة في الأصل سُنّة الطريق. وهو طريق سنه أوائل الناس فصار مسلكا لمن بعدهم. وسَنَّ فلان طريقا من الخير يَسُنّه: إذا ابتدأ أمراً من البرّ لم يعرفه قومه فاستنوا به وسلكوه اه تهذيب اللغة مادة س ن. قال لبيد بن ربيعة الشاعر: من معشر سنت لهم آباؤهم، ولكل قوم سنة وإمامها. وقال حسان بن ثابت: إن الذوائب من فهر وإخوتهم، قد بينوا سنة للناس تتبع. وقال ابن رجب: والسنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال وهذه هي السنة الكاملة ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كله، وروي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض اه جامع العلوم والحكم [ص ٢٦٣]

<<  <   >  >>