للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهرت مناسبته، كما دل حديث ابن عباس قال: كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان رسول الله يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به، فسدل رسول الله ناصيته، ثم فرق بعد اه [خ ٥٥٧٣/ م ٦٢٠٨]

فما ثبت فيه سنة مطردة فكل محدثة بعده ضلالة، وإلا فهو عفو. والله تعالى أعلى وأعلم.

[فصل في بيان أن كل فتوى لم يكن عليها الأولون فهي بدعة]

ما تقدم من الجوامع سارٍ هنا إذ الفتاوى - وهي مما يضاف إلى الدين من الأحكام - لا يجوز فيها إحداث قول لم يكن عليه السابقون، ليس النوازل التي لم تكن زمن النبوة والخلفاء.

إذ الأحكام في الشريعة نوعان: نوع ثابت لا يتغير مع الزمان، وهو الأصل في الأحكام كسائر القربات وأغلب المعاملات مما له حكم ثابت في العهد الأول. ونوع مسكوت عنه واقع بعد أن لم يكن وهي النوازل كالصلاة في الطائرة، وأنظمة السير ..

فالأول ليس لأحد أن يحدث فيه قولا جديدا لم يكن، و إن اختلفوا على قولين، فهو اتفاق منهم على أن ما دون القولين خطأ. ولو تأملت أدلة الإجماع لوجدتها في الحقيقة أدلة النهي عن البدعة إذ فائدة البحث في الإجماع هو الامتناع من إحداث قول جديد.

أما النوازل التي لم يكن المقتضي للحكم فيها فإنها ترد إلى نظائرها في العتيق بما يشبه أن لو عرضت على رسول الله أو أحد أصحابه لقضى فيها بنحوه. والله أعلم.

فانظر كيف أن أطراف البدعة منتشرة في كافة أمور الدين في الشريعة والمنهاج، وفي العبادة والعادة، والفعل والترك، والمقاصد والوسائل، والظاهر والباطن، واللفظ والمعنى .. فحاجة المرء إلى معرفة ضوابطها أكثر من حاجته إلى كثير مما يخاض فيه إذ هي نصف الدين، لأن الدين فعل وترك، أمر ونهي، سنة يؤمر بها فتفعل، وبدعة ينهى عنها فتترك.

روى أبو إسماعيل الهروي [ذم الكلام وأهله ١٨] عن أبي عبيد قال: جمع النبي

<<  <   >  >>