في الباب غير هذا كثير، وهو معلوم من سيرتهم. فأفعالهم وما تركوا بيان للسنة، لذلك قَلَّت رواياتهم كما كانت أقوال النبي ﷺ أقل من أفعاله. فما تعبد به الصحابي فهو في الأصل سنة.
[(١٤) باب الدلالة على أن البيان بالعمل أبلغ من البيان بالأمر وأن الاقتداء بالأفعال أكثر]
(١) - البخاري [٢٥٨١] حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال أخبرني الزهري قال أخبري عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: - فذكر خبر الحديبية ثم قال - فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله ﷺ لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا. قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما. الحديث.
فكان العمل أقوى في الاتباع من القول.
(٢) - البخاري [٦٤٥٩] حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثنا أبو سلمة أن أبا هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن الوصال، فقال له رجال من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل! فقال رسول الله ﷺ: أيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقين. فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم رأوا الهلال فقال: لو تأخر لزدتكم. كالمنكل بهم حين أبوا اه فكان الفعل مشكلا على القول أقوى في التأسي.
(٣) - أحمد [١١٤٤١] حدثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: أتى رسول الله ﷺ على نهر من السماء والناس صيام في يوم صائف مشاة ونبي الله على بغلة له، فقال: اشربوا أيها الناس. قال: فأبوا. قال: إني لست