للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو نظرت في اختلاف أصحاب محمد وجدته على قلته غير حقيقي، فكثير منه اختلاف لفظي ككلامهم في التفسير (١).

ومنه ما رجع عنه قائله إلى قول الجماعة مثل ما كان من ابن عمر وغيره في إنكار المسح على الخفين بعد الحدث، قال ابن المنذر: وقد روينا عن ابن المبارك أنه قال: ليس في المسح على الخفين اختلاف أنه جائز، قال: وذلك أن كل من روي عنه من أصحاب النبي أنه كره المسح على الخفين فقد روي عنه غير ذلك اه

ومنه ما يكون من باب تغير الفتوى مع الزمان كما تقدم عن علي في تفضيله إفراد الحج، ثم أنكر على عثمان حين نهى عن العمرة في أشهر الحج حتى لبى بهما أمامه [م ٣٠٢٣]، فهذا في نفسه ليس اختلافا.

فإذا نخلت اختلافهم ما ألفيت منه إلا القليل، لأجل العلم والسنة. وبالله التوفيق.

[ذكر مقاصد الشريعة من النهي عن البدع]

جملة النقول في جزء الآثار تنبيك إن شاء الله عن مقاصد التشريع من النهي عن البدع، والله تعالى أعلم بمراده ورسولُهُ :

[أ - قصد الشرع إلى صون الشريعة من التغيير.]

فما من بدعة تحيى إلا وسنة تموت. وهل غُيِّر الدين الأول والتوراة والإنجيل .. إلا بالمحدثات والآراء والتأويلات المستحسنة؟ وهل غير دين إبراهيم إلا بما رآه عمرو بن لحي والملأ "بدعة حسنة"؟

ومن تأمل طريقة الصحابة في ترك السنن للبيان والنهي عن توقيت عمل مطلق .. ونحو ذلك علم أن مرادهم بقاء الدين كما وصى الله به نبيه. وإذا كان الإثم لازما لمن بدل وصية رجل في ماله فكيف بالذي يبدل وصية الله ورسوله (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين. فمن


(١) - مقدمة في التفسير لابن تيمية.

<<  <   >  >>