للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قراءة القرآن في الركوع والسجود. فالترك من حيث الجملة مطلوب شرعا، والنبي أول التاركين لما نهى عنه، فهذا الترك منه سنة وبيان لقصد الشرع.

فأنت ترى أن المحَرَّم واجب الترك، والواجب محرم الترك، والمستحب مكروه الترك، والمكروه مستحب الترك، والمباح منه منهي الترك جملة، ومنه مطلوب الترك جملة، فما دام الترك مطلوبا من العبد فهو مقصود للشرع. والنبي مبين عن الله مقاصد التشريع بالفعل والترك. فكيف يجحده الجاحد؟!

[ذكر الفرق بين المباح الذي يكون بالفعل بدعة والذي بالترك]

المباح من أفعال الناس نوعان:

١ - نوع أذن الشرع فيه تصريحا وامتن الله علينا بإباحته كالنكاح والنوم وأنواع الأطعمة .. وسائر ما به قوام حياة ابن آدم كما في سورة النحل وهي سورة النعم وغيرها. فتجد الشرع يأمر به، سواء الأمر بعد الحظر كقوله سبحانه (وإذا حللتم فاصطادوا) [المائدة ٢] أو ما شابهه مثل (كلوا من ثمره إذا أثمر) [الأنعام ١٤١] ويضبطه بالآداب أدب النوم والفراش .. وهي وجوه الشكر عملا.

هذا النوع كان عليه العمل عمل النبي وأصحابه يتعبدون به، كما تجده في أذكار اليوم والليلة، وكما في قول معاذ : أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. ونظائره.

هذا المباح جعله الله للاستعانة على تقواه وتحقيق العبودَة، لأن أحكام الشرع الخمسةَ كما علم راجعة إلى الواجب والحرام، فالمندوب خادم للواجب مكمل للقصد منه وسياج يحفظه، فمن واظب على المستحب كان أقدر على الواجب، كذلك المكروه سياج أمان دون المحرم، والمباح معين على أداء الواجب وترك الحرام، مثل الزواج والأكل للتقوي على الطاعة وهكذا .. فهذا الصنف قصد الشرع اتخاذه وسيلة للطاعة، وندب إلى ذلك كما بيَّن معاذ .

<<  <   >  >>