للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدي هدي محمد اه [عبد الرزاق ٢٠٠٧٦]

وقال ربنا جل في علاه (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون. لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم) [آل عمران ١٨٨] فأخذ الله عليهم موثقا لتبينُنَّه للناس ولا تكتمونه لدنيا تصيبونها أو تخافون عليها، ففرحوا بالكتمان وأحبوا أن يحمدوا بأنهم هم أهل العلم والدعوة القائمون بأمر الله وما هم بفاعلين!

ولما صمت الصامتون وأدهن المدهنون نشأت قرون لا يعلمون من الدين إلا ما هم في شك منه مريب.

وكل هذا الوبال كان سببَه حدوثُ البدع واستحسانها! نعوذ بالله من شرها.

فانظر إلى جناية البدعة على الدين! لتعلم أن من حذر منها يعلم من الله ما لا تعلمون .

هذه مقاصد إن شاء الله أومأ العلماء إليها في كلمات متفرقة. ليست عللا يناط بها أحكام البدع وجودا وعدما، ولا قواعد للأحكام والنوازل، ولكن هي معانٍ يطمئن إليها قلب الحريص على دينه مجانب الحوادث والأهواء جملة. وإنما تضبط بمتابعة ما سلكه النبي والصحابة فعلا و تركا.

ومتى أُبقِيت السنة على حالها بقي الدين محفوظا سمحا محبوبا موصِلاً إلى الكمال المطلوب للعبد من طريقه الأقرب الأوحد بإذن الله الواحد الأحد.

[فصل في بيان أن حديث "كل بدعة ضلالة" محكم العموم]

ذهب جمع من المخالفين إلى أن قول النبي في حديث العرباض: "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة " عموم مراد به الخصوص. وهذه وهلة عظيمة غفر الله لمتأوليها! لأن الذي ينطق بالعموم يريد بعضه لا بد أن يأتي بقرينة دالة على المراد في السياق نفسه، وإلا صار العموم مجملا غير ظاهر، كقوله تعالى (تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم) [الأحقاف ٢٥]

<<  <   >  >>