للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن يشكل عليه أنه ذكر التكبير خاصة، وليس في العمل الأول الذكر بالتكبير وحده إلا أيام التشريق، ولو كان شيء غيره - على فرض أن الحديث محكم - لأوشك أن ينقله أكثر من نفس بالعمل أو بالقول، لأنه مما تتوافر الدواعي لبيانه في الأمصار، ولسرى عليه العمل لظهوره، ولنقل من عمل الصحابة، ولبينوا لفظه وعدده .. وأين أصحاب ابن عباس من هذا؟ سعيد بن جبير وعكرمة وطاووس ومجاهد وعطاء وأبو الشعثاء؟ أم أن ابن عباس ترك العمل بما روى وتابعه أصحابه .. ؟ أم أن أبا معبد مولى ابن عباس إنما أنكر معنى ما حَفظ عنه عمرو بن دينار؟ قال عمرو في رواية مسلم: فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره وقال: لم أحدثك بهذا! قال عمرو: وقد أخبرنيه قبل ذلك اه

ومن حمل التكبير في هذه الرواية على الرواية التي أخرجها البخاري قبلها عن ابن جريج قال أخبرني عمرو أن أبا معبد مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي . وقال ابن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته اه وقال أن الخبر مروي بالمعنى فحمل التكبير على الذكر، وَهِمَ لأن الذكر هو المجمل والذي يسوغ أن يعبر به عن معنى التكبير، إذا بلغك أن رجلا يكبر صح أن تقول: هو يذكر الله. وإن قيل لك: سمعتُ رجلا يذكر الله، لم يصح أن تقول إذا رويت بالمعنى: هو يكبر .. بل الصواب أن نقول: إن رواية الذكر هي الرواية بالمعنى المعبر بها عن التكبير.

فيشبه أن يكون ما روي عن ابن عباس في أيام منىً من حجة الوداع فهو الذي جرى عليه عمل السلف الجهر بالتكبير أدبار الصلوات أيام التشريق، وهذا إسناد مكي. والله أعلم.

<<  <   >  >>