للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل تمادى الناس اليوم حتى صار الحريص على السنة يجمع الناس على قاص يذكرهم .. فنشأ الناس على أنها سنة المولود!! فحقيق على من يشار إليه بالتدين - لا أقول العلم حسب - أن يدع ذلك تأسيا بالسابقين الأولين. وبالله التوفيق.

كذلك كل مباح لا ينبغي أن يترك تركا يظن منه أنه مكروه أو حرام، بل على أهل البيان أن يبينوا جوازه بما يتم به البيان بالقول أو الفعل. لئلا تتغير أحكام الشريعة اعتقادا أو عملا كأن يتعبد بترك مباح مطلوب بالجملة وهو بدعة، كما تقرر من قبل. وهذا من منهاج النبوة (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) [المائدة ٤٨].

كذلك ينبغي لِحاظ منهاج التشريع بأن يفرِّق مَنْ ابتُلي بنظر الناس إليه بين ما ثبت تشريعه بالقول وما بالعمل وما دون ذلك. فبيان النبي مراتب، ما بينه بالعمل مع الأمر ليس كما بينه بالعمل دون أمر، وليس كما فعل رجل فسكت عنه. فما بينه بالعمل بنوعيه هو المقصود للتشريع أصالة وهو الذي جاء رسولا لأجله. أما التقرير فتوسعة من باب لا حرج (١).

فمن عمد إلى ما أقر عليه فأمر به خالف منهاج التشريع، وكان له نقص عن الحكمة وكمال الاتِّباع بحسبه. مثال ذلك ما جاء في أذكار النوم من أفعال النبي وأوامره هي أولى بالمواظبة والدلالة عليها مما أقر عليه صاحبا مثل قراءة آية الكرسي [خ ٢١٨٧]. كذلك الترتيب في أعمال يوم النحر يفرق فيها بين ما فعله وأمر به وهو الأصل الذي ينبغي أن يداوم عليه ويفتى به، وما قال فيه - بعد الفعل - "لا حرج" لا ينبغي أن يفتى بجوازه ابتداء، بل يوكل إلى الوقوع كما تركه النبي حتى يقع. ونظائره كثيرة.

وما يذكرون في "السنة التقريرية" هو نوعان:

- نوع صاحبه ما يدل على الرضا بقرينة حال كما قال عمرو بن العاص في قصة احتلامه: فضحك رسول الله ولم يقل شيئا اه [د ٣٣٤] هذا النوع إنما يدل على


(١) - الموافقات المسألة السابعة والثامنة من مباحث السنة.

<<  <   >  >>