للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها. فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق اه وقد تقدم أن المخالفة ليست علة يناط بها الحكم وجودا وعدما ..

والنكتة هنا أن المخالفة قد تكون لآية أو حديث خاص أو لجامع من جوامع الكلم التي سماها المتأخرون "قواعد الفقه"، كالنهي عن التشبه بالكافرين مثلما تقدم من نهي أبي بكر للتي حجت مصمتة لأنه من عمل الجاهلية. ونهي عمر عن صوم رجب لأنه شهر كان أهل الجاهلية يعظمونه.

وقد تكون المخالفة من جهة مضاهاة السنة الثابتة كما قال مجاهد: لا تصوموا شهرا كله تضاهون به شهر رمضان اه

وقد تكون المخالفة لفوات فضيلة يغفل الناس عنها كما روي عن سعيد بن المسيب والزهري أنهما كرها المنديل بعد الوضوء لأن الوضوء يوزن. [ت ٥٤/ ش ١٦٠٩]

وقد تكون المخالفة من جهة النظر في المآل الذي كان السلف أجود الناس لحاظا له، وإنما يعشى عنه ناظر المتأخرين لقلة العلم وللرَّان، سواء رين الشبهة أو الشهوة فكلاهما حجاب سميك نعوذ بالله من ذلك كله. وقد تقدم التنبيه على طرف منه في باب ما ذموه من العمل الثابت خشية وقوع الناس في المخالفة مآلا.

فما من بدعة تخترع إلا وفي القرآن والسنة عدا الترك ما يدل على إلغائها. وهذان مثالان:

أ- قراءة القرآن جماعة أهدر المصلحة المظنونة منها أدلة كثيرة منها:

- قول الله تعالى (لا تحرك به لسانك لتعجل به) [القيامة ١٦] فنهاه عن قراءة القرآن مع جبريل (جماعة) للحفظ، وأمره بالاستماع. ففي البخاري [٤٧٥٧] عن ابن عباس : في قوله (لا تحرك به لسانك لتعجل به) قال: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه وكان يعرف منه فأنزل الله الآية التي في (لا أقسم بيوم القيامة) (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه) فإن علينا أن نجمعه في صدرك (وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) فإذا أنزلناه فاستمع (ثم إن علينا بيانه) قال: إنا علينا أن نبينه بلسانك قال: وكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه

<<  <   >  >>