عيدا سائرا في الأمة. لذلك عدل الصحابة عن التأريخ بالمولد ولم يلتفتوا إليه. ولو كان مطلوبا شرعا لبينه النبي ﷺ، ولحفظ الله في الناس تاريخ ميلاده ﷺ باليوم لأن الدين محفوظ .. ناهيك عما تضمنته الموالد من منكرات لاطت بها .. فهذه حجج تقضي بالمنع زيادة على قاعدة النهي عن البدع ومضاهاة الطريقة الشرعية.
فترك القومُ هذه المحكمات ثم راحوا يستدلون بحديث أبي قتادة أن رسول الله ﷺ سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: فيه ولدت وفيه أنزل علي. [م ١١٦٢] ووجه الاستدلال منه القياس على الصوم!! وهو منقوض من وجوه:
- الأول: أنه لا قياس في إثبات قربة. وهم يفعلون ما يفعلون لمعنى تعبدي وهو حب النبي، وما هذا شأنه لا يثبت إلا من جهة العمل. وقد زعم بعضهم أنه ليس عبادة ولكنه عادة! وإنما هي المكابرة! أليس يلتمسون به الثواب والمحبة، أليس يستدلون من القرآن والسنة لادعاء استحبابها؟!
- الثاني: ولو سلمنا لكان معارَضا بالقياس على قوله ﷺ: لا تتخذوا قبري عيدا. فكذلك لا يُتخذ مولده ﷺ عيدا. وقياسٌ عليه العمل وهو تركهم الاحتفال به أولى من غيره، وهم قائلون أن الحظر مقدم على الإذن.
- الثالث: أنه قياس مع الفارق، إذ الأصل المقيس عليه (الصوم) أولى بالعلة (التقرب والشكر) من الفرع (الأمداح … ) ولا يسوغ القياس إلا إذا كان الفرع مثل الأصل وهو قياس المثل، أو أولى بالوصف والحكم منه وهو قياس الأولى، أما إن كان دونه فهو قياس مع الفارق، ولا يصح القياس مع الفارق.
- الرابع: أن شرط اعتبار القياس ألا يعارضا شيئا من كلام الله أو سنة رسوله، وهو معارض للترك ولما تقدم من الأدلة. فتكون العلة قاصرة على الصوم.
- الخامس: لو سلمنا لم يكن القياس أولى من العموم الذي لا يحتج به حتى ينظر في العمل الأول.
غاية ما في الحديث ذكر فضيلة الصوم يوم الاثنين لا أكثر، ليس فيه التحريض على تحري يوم ميلاد النبي ﷺ، وترتيب عمل يتقرب به إلى الله في ذلك اليوم قياسا