ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟! قالوا: يا أبا عبد الله حصًا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكُمْ يا أمة محمد? ما أسرع هلكَتَكم! هؤلاء صحابة نبيكم ﷺ متوافرون، وهذه ثيابه لم تَبْلَ وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير! قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه إن رسول الله ﷺ حدثنا أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم! ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سَلِمة: رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج اه تابعه ابن أبي شيبة [٣٩٠٤٥] حدثنا عمرو بن يحيى بن عمرو بن سَلِمَةَ الهمداني عن أبيه عن جده به مختصرا. وهذا سند جيد عمرو بن يحيى وثقه ابن معين حكاه أبو حاتم في الجرح والتعديل.
وقد روى الأثر ابن أبي شيبة [٣٧٨٧٩] وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد [٢٠٨٩] وابن وضاح في البدع [١٨ - ١٩] والطبراني في الكبير [٨٦٣٧ - ٨٦٣٨] وأبو نعيم في الحلية [٢/ ٢٥٨]. (١)
هذا ابن مسعود أنكر عليهم ما ليس عليه العمل ولم يقل: هو بدعة حسنة.
(٩) - الدارمي [٤٧٩] أخبرنا سهل بن حماد ثنا شعبة عن الأشعث عن أبيه - وكان من أصحاب عبد الله - قال: رأيت مع رجل صحيفة فيها "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" فقلت له: أنسخنيها. فكأنه بخل بها. ثم وعدني أن يعطينيها. فأتيت عبد الله فإذا هي بين يديه فقال: إن ما في هذا الكتاب بدعة وفتنة وضلالة، وإنما أهلك من كان قبلكم هذا وأشباه هذا أنهم كتبوها فاستلذتها ألسنتهم وأشربتها قلوبهم. فأعزم على كل امرئ يعلم بمكان كتاب إلا دل عليه وأقسم بالله. قال شعبة: فأقسم بالله أحسبه أقسم لو أنها ذكرت له بدار الهنداريه يعني مكانا بالكوفة
(١) - إنما ذكرت بعض طرق الأثر لطعن ناس في صحته على تقصير، وهو كما ترى صحيح مشهور عند الأولين.