للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوت لله تعالى شأنه في أحاديث لا تحصى، وأخبار لا تستقصى. روى البخاري في (الصحيح) : يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان» .

ثم ذهب إلى تخليط المتصوفة، إلى أن قال:

والفرق بين سماع موسى عليه السلام كلام الله تعالى وسماعنا له على هذا أن موسى عليه السلام سمع من الله عز وجل واسطة لكن من وراء حجاب، ونحن إنما نسمعه من العبد التالي» . وعاد إلى تخليط المتصوفة.

فأقول: قد مر الله تبارك وتعالى عباده بتدبر القرآن وتصديقه والإيمان به على حسب فطرهم وعقولهم الفطرية، ولم يكلفهم تعمق المتكلمين فضلاً عن تغلغل المتصوفة، سواء أكان عن تخيل أم عن تعقل، وفي (الصحيحين) عن ابن عمر «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا (أشار بيديه مبسوطة أصابعهما) وعقد الإبهام على الثالثة، ثم قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا (أشار بها مبسوطة أصابعهما في الثلاث كلها) يعني تمام الثلاثين يعني تسعة وعشرين مرة ثلاثين» .

وإذ أعترف المتعمقون بأن الله تبارك وتعالى يتكلم بلا واسطة بعبارة وحرف وصوت ويسمع كلامه من يشاء من خلقه، فهذا الذي قامت عليه الحجة، وعليه سلف الأمة وأتباعهم، ولم يبق إلا التنطع عن الكيفية، وهي من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يبتغيه إلا أهل الزيغ «والراسخون في العلم يقولون: آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا ومن لدنك رحمة أنك أنت الوهاب» .

<<  <   >  >>