دعوا الله وحده، قال تعالى:«وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» لقمان: ٣٢. وقال تعالى: [وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ» الإسراء: ٦٧.
وكانوا يرون من هو على خلاف دينهم لا يظهر تفاوت بينه وبينهم وأحوال الدنيا، وعرفوا فيمن أسلم مثل ذلك، ثم عرض عليهم الإسلام، وعرفوا على الأقل أنه يمكن أن يكون حقاً، وأنه كان حقاً ولم يتبعوه تعرضوا للمضار الدنيوية وللخسران الأبدي في الآخرة، فلزمهم في هذه الحال أن يسلموا، لأنه إن كان الأمر كما بدا لهم من صحة الإسلام فقد أخذوا منه بنصيب، وإلا فتركهم لما كانوا عليه لا يضرهم كما لا يتضرر من خالفهم،
فلم يمنعهم من الإسلام إلا إتباع الهوى. قال تعالى:«وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ» فصلت: ٢٦.
وتكذيبهم للحق وإعراضهم عنه بعد أن قامت الحجة عليهم بأن تصديقه واتباعه أحوط لهم وأقرب إلى النجاة ظلم شديد منهم استحقوا به أن لا يهديهم الله عز وجل إلى استيقان أنه حق، وهذا كما تقدم في قصة نوح، وقال الله تعالى:«وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ» الأعراف: ١٠١.ونحوها في سورة (يونس) : ٧٤ وفيها: «كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ» .
وقال الله عز وجل: «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ. وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ