للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتبعك إلى يوم القيامة، أفلا ترى أن رجوعك الى الحق هو خير لأسلافك على كل حال؟

٧ - يتدبر ما يرجى لمؤثر الحق من رضوان رب العالمين، وحسن عنايته في الدنيا والفوز العظيم الدائم في الآخرة، وما يستحقه متبع الهوى من سخطه عز وجل، والمقت في الدنيا والعذاب الأليم الخالد في الآخرة، وهل يرضى عاقل لنفسه أن يشتري لذة إتباع هواه بفوات حسن عناية رب العالمين وحرمان رضوانه والقرب منه والزلفى عنده النعيم العظيم في جواره، وباستحقاق مقته وسخطه وغضبه وعذابه الأليم الخالد؟ لا ينبغي أن يقع هذا حتى من اقل الناس عقلاً، سواء أكان مؤمناً موقناً بهذه النتيجة، أم ظاناً لها، أم شاكاً فيها، أم ظاناً لعدمها، فإن هاذين يحتاطان، وكما أن ذلك الإشتراء متحقق ممن يعرف أنه متبع هواه، فكذلك من يسامح نفسه فلا يناقشها ولا يحتاط.

٨ - يأخذ نفسه بخلاف هواها فيما يتبين له، فلا يسامحها في ترك واجب أو ما يقرب منه، ولا في ارتكاب معصية أو ما يقرب منها، ولا في هجوم على مشتبه، ويروضها على التثبت والخضوع للحق، ويشدد عليها في ذلك حتى يصبر الخضوع للحق ومخالفة الهوى عادة له.

٩- يأخذ نفسه بالاحتياط في ما يخالف ما نشأ عليه، فإذا كان فيما نشأ عليه أشياء يرى أه لا بأس بها، أو أنها مستحبة، وعلم أن من أهل العلم من يقول إنها شرك أو بدعة أو حرام، فيأخذ نفسه بتركها حتى يتبين له بالحجج الواضحة صحة ما نشأ عليه، وهكذا ينبغي له أن ينصح غيره ممن هو في مثل حاله، فإن وجدت نفسك تأبى ذلك، فأعلم أن الهوى مستحوذ عليها، فجاهدها.

وأعلم أن ثبوت هذا القدر على المكلف أعنى أن يثبت عنده أن ما يدعى إليه أحوط مما هو عليه كاف في قيام الحجة عند الله عز وجل، وبذلك قامت الحجة على أكثر الكفار، فمن ذلك المشركون من العرب، لم يكن في دينهم الذي كانوا عليه تصديق بالآخرة، وإنما يدعون آلهتهم ويعبدونها للأغراض الدنيوية، مع علمهم أن مالك الضر والنفع هو الله عز وجل وحده، ولذلك كانوا إذا وقعوا في شدة

<<  <   >  >>