للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبّاس قرأَها كذلك ﴿بَلْ عَجِبْتُ﴾، وسمعتُه يُخْبِرُ عن سفيان، عن أبي إسحاق قال: سمعتُ عبد الله بن مُغَفَّل يقرؤُها كذلك أيضًا ﴿بَلْ عَجِبْتَ﴾، قال الأَعْمَش: وكان إبراهيم ويحيى بن وَثّاب يقرآها كذلك ﴿بَلْ عَجِبْتَ﴾، وهي قراءةُ الأَعْمَش وحمزة والكسائي، وأما أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأبو عَمْرو فقرؤُوها ﴿عَجِبْتَ﴾ بالنصب.

قال أبو عُبَيْد: وقراءتُنا هي الأَوْلى ﴿عَجِبْتَ﴾؛ للّذي روينا عن ابن مسعود وابن عباس ومن وافقهما، والشاهد عليها مع هذا قول الله : ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ [الرعد: ٥]، فأخبر أنه عَجِبَ، ومما يزيدُه تصديقًا: الحديث المرفوع: "عَجِبَ الله البارحةَ من فلانة وفلان" (١).

٢١٤٥ - وقال أبو زكريا الفَرّاء - وقد روى قصةَ شُرَيْحٍ عن مَنْدَل بن علي العَنَزي عن الأَعْمَش - (٢): والرفعُ أَحَبُّ إلينا، لأنها قراءةُ عليٍّ وعبد الله وابنِ عباس، والعَجَبُ وإن أُسْنِدَ إلى الله فليس معناه من الله كمعناه من العباد، ألا ترى أنه قال: ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ٧٩] وليس السُّخْرِيُّ من الله كمعناه من العباد، وكذلك قوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥] ليس ذلك من الله كمعناه من العباد، ففي ذي بيانٌ لكسر قول شُرَيْح.

٢١٤٦ - وقال ابن أبي حاتم في الرد على الجَهْمِيَّة: حدثنا أبي، ثنا محمد بن عَمْرو أبو غَسّان زُنَيْج، قال: سمعت مُتّ - يعني: محمد بن عبد الرحمن - يذكرُ الجهْمِيَّةَ - يعني بأمرٍ عظيم - ويحتجُّ عليهم ويقول: يُعجبُني أن أقرأَ ﴿بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ (١٢)﴾، خلافًا للجَهْمِيَّة، وكان يُفَضَّل على الكِسائي في زمانه.


(١) سيذكره المصنف ويأتي تخريجه.
(٢) معاني القرآن (٢/ ٣٨٤).