للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد العزيز، فلقيا مُزاحِم مولى عُمَر بنِ عبد العزيز فسألاه أن يجعلَهما في حَرَس عُمَر، فذكرهما لعُمَر، فأَدْخَلَهما عليه، فكلّمهما فسرّه رغبتَهما في ذلك، فقال: اجلِسْهما يا عَمْرو وامْنَعْهما من حمل السيف، قال عَمْرو: ففعلتُ، فبَلَغَه أنّهما ينطقان في القدر، فدعاهما فقال: أَعِلْمُ الله نافذٌ في عباده أو مُنتقض؟ قالا: بل نافذٌ يا أمير المؤمنين، قال: ففيم الكلامُ؟ فخرجا، ثم بلغه أنّهما قد أَسْرَفا فقال: ما هذا الأمر الذي تنطقان فيه؟ قالا: نقول ما قال الله ﷿ في كتابه: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١)﴾ إلى قوله: ﴿وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: ١ - ٣]، ثم سكت، فقال عُمَر: اقرأ، فقرأ حتى بلغ ﴿يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾ [الشّورى: ٨]، قال: كيف ترى يا ابنَ الأتانة؟! تأخذُ الفروعَ وتَدَعُ الأصولَ؟! ثم أَخْرَجَهما، فلمّا كان عند مرضه بَلَغَه أنّهما قد أَسْرَفا، فأرسل إليهما وهو مُغضَبٌ فقال: ألم يكن في عِلْم الله حين أمر إبليس بالسجود أنّه لا يسجدُ؟ قال عَمْرو: فأومأتُ إليهما برأسي: قُولا نعم، فقالا: نعم، فأمر بإخراجهما والكتابِ إلى الأجناد بخلاف ما قالا، فمات عُمَر قبل أن تنفذ تلك الكتب (١).

٢٤٤٩ - قال أبو عُمَر الطَّلَمَنْكي: "زَعَمَت المعتزلةُ المُلْحِدَةُ أنّ الله لا يُضلُّ أحدًا، وأنّ الإضلالَ من الله تسميةٌ كما يُقال: أَكْفَرَ فلانٌ فلانًا، أي سمّاه كافرًا، أو كما يُقال: أَفْجَرَه وأَفْسَقَه، واللغةُ لا تُطلِق ذلك لهم إلّا أن يتناول توجيهَ ذلك مَنْ كان مِنْ أهل اللغة، مطابقًا لهم على مذاهبهم كمَثَل محمد بن المستنير المعروف بقُطْرُب، وأبي الحسن سعيد بن مَسْعَدَة الأَخْفَش ومَن كان مثلَهما، فقد تكلّموا في آي الأقدار في القرآن بأهوائهم، ولقد أخبرني أبو بكر محمد بنُ عليّ بنِ أحمد، قال: قال لنا أبو جعفر أحمد بنُ محمد بنِ إسماعيل النحّاس (٢): قال أبو حاتم: وسمعتُ الأَخْفَش


(١) أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (١/ ٣٧١ - ٣٧٢/ رقم: ٨٠٤)، والرواية من طريقه.
(٢) انظر: إعراب القرآن (١/ ٤٢١).