للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جميعًا إنّ الإضلال والهُدَى من الله قد تقدّم في سابق عِلْمه، وإنّ العباد غيرُ قادرين على الخروج ممّا عَلِمَه منهم، والآثارُ والقرآنُ تشهدُ لأهل السنّة، وذكرنا في القرآن من ذلك في ثلاثةٍ وعشرين موضعًا، أولها: في البقرة ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦]، وآخرها في سورة المدّثّر ﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [المدثر: ٣١]، -قال أبو عُمَر- ولم تزل العربُ في جاهليّتها تَذْكُرُ الهُدَى والضلالَ في خُطَبِها وأشعارِها، قال لَبيد بن ربيعة في جاهليّته:

من هداه سبل الخير اهتدى … ناعمَ البال ومن شاء أضلّ

وما قال ليبتغيَ الإسلامَ بيتًا واحدًا".

قلتُ: رُوِيَ أنّه قال في الإسلام بيتًا واحدًا:

الحمد لله إذْ لم يأتني أجلي … حتى لبستُ من الإسلام سربالا (١)

٢٤٥٢ - وقال محمد بن الحافظ التَّيْمي (٢): والظاهرُ أنّ لبيدًا قال قولَه:

لَعمرُك ما تدري الطوارقُ بالحصى … ولا زاجراتُ الطير ما الله صانعُ

قبل الإسلام؛ فإنّه لم يقل بعد الإسلام إلّا بيتين فيما رُوِي.

قلتُ: لعلّه يعني بالبيتين مِنْ قول لَبيد:

ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم … وبقيتُ في خلْفٍ كجلد الأجرب

يتأكَّلون بلادةً ومشحّةً … ويُعاب قائلُهم وإن لم يشغب


(١) وقيل إن البيت لقِرَدَة بن نُفاثة السلولي ، أخرجه البيهقي في الزهد الكبير (رقم: ٦٤٥)، وانظر: الاستيعاب (٣/ ١٣٠٥ - ١٣٠٦).
(٢) هو: محمد بن الحافظ إسماعيل بن محمد التيمي، توفي صغيرًا في حياة والده سنة ٥٢٦ هـ، أملى جملةً من شرح الصحيحين. السير (٢٠/ ٨٣ - ٨٤).