والذين أثبتوا رؤيةَ العين ليس معهم إلّا لفظٌ مطلقٌ، أو حديثٌ موضوعٌ، وقد اعتمدَ أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو يَعْلَى وغيرُهما على قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ [الشّورى: ٥١]، ومن العَجَب أنّ عائشةَ ومن وافقها احتجّوا بهذه الآية على النفي، وهؤلاء احتجّوا بها على الإثبات، قالوا: لأنّ التكليمَ من وراء حجاب هو تكليمُ موسى، وبإرسال الرسل هو كإرسال الملائكة إلى الأنبياء، فلم يبق إلّا التكليمُ مع المعاينة، فيكونُ ذلك هو التكليمَ وحيًا، وهذه الحجّةُ ضعيفةٌ مناقِضَةٌ لمقصود الآية؛ لأنّ الله قال: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ﴾ [الشّورى: ٥١] إلّا على أحد هذه الجهات الثلاثة، فلا بدّ أن يكون نَفَى شيئًا غيرَ هذه الجهات الثلاث، وعلى قولهم لا يكون قد نفى شيئًا؛ بل أثبتَ التكليمَ عيانًا ومن وراء حجاب والتكليمَ بواسطة، ومعلومٌ أنّ التكليمَ إمّا بواسطة وإمّا بغير واسطة، ومع انتفاء الواسطة إمّا أن يكون معاينةً وإمّا مع الحجاب، فإن كان الجميعُ ثابتًا فما المَنفِيّ؟! ".
٢٦٢٧ - قال إبراهيم بن يعقوب الجَوْزَجاني: حدّثني عَمْرو بنُ محمد، ثنا أبو محمد مُعْتَمِر بنُ سليمان، عن سليمان بنِ المغيرة، عن ثابتٍ قال: "لمّا كان الليلةُ التي أُسري بالنبي ﷺ قيل له: إنّك لم ترَ ربَّك، إنّما رأيتَ عبدَه".
٢٦٢٨ - قال البخاري في التاريخ (١): حدّثني عَمْرو بنُ عليّ، ثنا أبو قُتَيْبَة، ثنا حُمَيْدٌ الخيّاط، عن أَرْقَم بنِ أبي أَرْقَم: سُئل ابن عبّاس: رأى محمد ربَّه؟ قال: "نعم مرّتين".
ذكره في (ترجمة أَرْقَم بنِ أبي أَرْقَم)، وقال: "هو شيخٌ مجهولٌ لا يُعرف إلّا بهذا".