للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فإنّكم ستَرَوْن ربَّكم ﷿ كما تَرَوْن القمرَ ليلةَ البدر لا تُضامُّون في رؤيته" (١).

٢٧٦٩ - قال أبو العبّاس أحمد بنُ محمد بنِ إبراهيم القَلانسي الرازي المتكلِّم في قول الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)[القِيَامَة]: "فلمّا ذكر النظرَ إليه، ولم يُتْبِعْه بما يدلُّ على الانتظار أو العلم، ولا تقدّم له أيضًا كلامٌ يدلُّ على أنّه أراد الانتظارَ أو العلمَ، صحَّ أنّه النظرُ بالعين".

قال: "والدليلُ على ذلك أنّ الله كلّما ذكرَ النظرَ بمعنى الانتظار ذكرَ بعده ما دلّ على ذلك، وهذا موجودٌ في تعارف أهل الإسلام وأهل اللغة كلّهم، فمن ذلك قولُ الله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ [البقَرَة: ٢١٠]، وقولُه: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٤٩]، وقولُه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ﴾ [الأعرَاف: ٥٣]، فكلُّ هذا سبيلُ الانتظار، وقولُه جلّ وعزّ: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)[المطفّفِين]، فإذا أَوْعَدَ الكفّارَ بالحجاب عنه ووبَّخهم بذلك صحّ أنّ المؤمنين غيرُ محجوبين عنه بخروجهم من التواعد والتوبيخ، كما أنّه إذا وعد الكفّارَ بالنار والخُذْلان ووبَّخهم به صحّ أنّ المؤمنين غير مُعذَّبين ولا مخذولين بخروجهم من التوعُّد والتوبيخ به، وإذا لم يكن بين الاحتجاب والنظرِ واسطةٌ، وفسدَ الاحتجابُ عن المؤمنين صحَّ لهم النظرُ، ولوَ جاز لقائلٍ أن يقول: إنّ معنى قولِه: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)[المطفّفِين] أنّهم عن الثواب محجوبون، لجاز أن يُقال: إنّ معنى قولِه: ﴿وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعرَاف: ١٤٣] أنّ جبريل كلَّمه وأنّ الثوابَ كلّمه، والأمران جميعًا باطلان".


(١) الرواية من أمالي الجوهري. وإسناده ضعيف لأجل ضعف جابر بن نوح الحماني، لكن الحديث صحيح بشواهده. وأخرجه الترمذي (رقم: ٢٥٥٤)، عن محمد بن طريف، وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب".