للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في تحصيل هذه المعارف والأخلاق على الكمال، وجب أن تتحلى النفس عن الدين حتى تصل إلى عالم النور.

فثبت أن تقدير نفي السعادة الأخروية كان خلقَ البدن أولا في أحسن تقويم، ثم ردّه أسفل سافلين عبثًا قادحًا في الحكمة، لكن اللازم وهو القدح في حكمة الله تعالى قولٌ باطل، فالملزوم وهو نفي السعادة الأخروية باطل.

فأساس السعادة الأخروية عن الحق، ورئيس المعارف معرفة الله، والإيمان رئيس الأعمال الصالحة وطاعة الله، فلهذا السبب قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [التين: ٦]، يعني: أنشأناه في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين، حتى يموت فيصل إليه بعد الموت أجره غير ممنون.

ولما نبّه على هذا الإيمان اليقيني، قال: ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)[التين]، فإن الحكيم لو بنى ثم هدّم لا لفائدة قدح ذلك في حكمته، أما لو بنى هذا البدن ليلبث الإنسان بواسطة الإيمان والعمل الصالح، ثم يهديه ليصل بعد ذلك الهدم إلى فوات الإيمان والعمل الصالح، كان ذلك غاية الحكمة، فلما ثبت أنه أحكم الحاكمين وجب أن يكون له القول بإثبات الآخرة، كما يظهر أن السورة برهان، يعني في صحة القول بإبعاد، وأنه لا يمكن الزيادة على هذه المكرمات، ولا النقصان عنها.

٣٧٦٨ - وقال عكرمة: "من شكّ في أنّ المحشر يعني الشام فلْيقرأ: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾ [الحشر: ٢]، قال: وقال لهم النبي يومئذٍ: اخرجوا، فقالوا: إلى أين؟ فقال: إلى أرض المحشر" (١).


(١) أخرجه عبد بن حميد، كما في الدر المنثور (١٤/ ٣٣٩).