للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْقَمَر﴾ [يس: ٤٠]: وفي أوان كل محاق يقع الإدراك واللحاق، ثم في الكسوف الشمسي يكون الإدراك الحقيقي، فأجابه: إنّما الشمس لا تدرك القمر بفلكها، وإنّما هو بسرعة سيره يدركها، وذلك بمشاهدة الناظرين، قيل: فما معنى قوله ﴿وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ﴾ [يس: ٤٠]، قال: المراد أنّه لا يذهب أحدُهما بمعنى صاحبه، ولا يزول تضامُّهما عن سببه، فكأنّه قال: لا الليل سابق النهار ولا النهار سابق الليل، ونابت إحدى الجملتين عن الأخرى، وهذا مذهبٌ من مذاهب العرب في أن السبق من النهار واقع؛ لأنّ الله لمّا خلق الشمسَ أوجد النهارَ بوجودها، ولم يكن الزمان قبلها يسمى ليلًا، فلما وقع الانحياز والتميّز بها كان النهارُ والليلُ، واستحقّ النهارُ السبقَ لأنّ الدليل منه، قال الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٥].

٣٩٦ - قال الفخر الرازي في كتاب أسرار القرآن (١): قوله تعالى ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ [الصافات: ٦] لا يقتضي كونَ الكواكب موجودةً فيها؛ وذلك لأنّ السموات إذا كانت شفّافةً فالكواكب فيها، سواء أكانت في سموات أخرى فوقها، فهي لا بدّ أن تظهر في السماء الدنيا وتلوح منها، فعلى التقديرين تكون السماءُ الدنيا متزيّنةً بهذه المصابيح.

٣٩٧ - قال عبد السلام بن بَرَّجان (٢): ذكر الذين تعاطَوْا معرفةَ أجرام الكواكب وأبعاد الأفلاك، فزعموا أنّ الشمس هي أكبر من الأرض بمائة وثمانية وثمانين ضعفًا، ومنهم من زاد على ذلك إلى ثلثمائة ضعف، وكذلك قالوا في القمر وسائر الكواكب بالزيادة على الأرض، وفاضلوا بين ذلك، فإن كان المعنى منهم بموضع المضاعفة طريق الشمس في فلكها من


(١) لم أجد النقل في كتابه "أسرار التنزيل وأنوار التأويل"، فلعله من كتاب آخر.
(٢) تفسير ابن برّجان (٢/ ٢٣٨ - ٢٣٩).