للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأذن مرّ؛ ليمنع دخول الهوامّ إلى الأذن؛ وما الفم عذب؛ ليطيب به ما يأكله، فلو جعل الله ماء الفم مرًّا لفسد الطعام على أكلته؛ ولو جعل ماء الأذن عذبًا لدخل الذباب في الدماغ".

فصل: قول الله: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ [الزمر: ٤٢] الآية، فيها قولان:

أحدهما: إن الممسكة من توفّيت وفاة الموت أولًا، والمرسلة من توفيت وفاة النوم، والمعنى على هذا القول أنه يتوفى نفس الميت، فيمسكها ولا يرسلها إلى جسدها قبل يوم القيامة، ويتوفى نفس النائم ثم يرسلها إلى جسدها إلى بقية أجلها فيتوفاها الوفاة الأخرى.

والقول الثاني في الآية: إن الممسكة والمرسلة في الآية كلاهما توفى وفاة النوم، فمن استكملت أجلها أمسكها عنده، فلا يردّها إلى جسدها، ومن لم تستكمل أجلها ردَّها إلى جسدها فتستكمل.

٤٥٢ - قال أبو عبد الله ابن القيم (١): "واختار شيخ الإسلام هذا القول، وقال: يدلّ عليه الكتاب والسّنة، قال: فإنه سبحانه ذكر إمساك التي قضى عليها الموت من هذه الأنفس التي توفّاها وفاة النوم، وأما التي توفّاها حين موتها فتلك لم يصفها بإمساك ولا إرسال، بل هي من قسم ثالث". قال ابن القيّم: "والذي يترجّح هو القول الأول؛ لأنه أخبر سبحانه بوفاتين: وفاة كبرى وهي وفاة الموت، ووفاة صغرى وهي وفاة النوم، وقسّم الأرواح قسمين: قسمًا قضى عليها الموت فأمسكها عنده، وقسمًا وهي التي توفَّاها وفاة الموت، وقسمًا لها بقية أجل فردّها إلى جسدها إلى استكمال أجلها، وجعل سبحانه الإمساك والإرسال حكمين للوفاتين


(١) الروح (ص ٣٨).