للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها، إما أعلاه، وإما أسفله، وإما بعض الأعلى وبعض الأسفل، وبحسب موضعنا منه متوسط أو غيره تكون أبصارنا مدركة ضوءه، إما كله، وإما بعضه، وقد بابًا في إبطال قول من قال إن الكواكب تستضيء بالشمس.

قلت: لِما ذكر من أن ضوء القمر من قبل الشمس شاهدٌ ذكره الفرّاء في المعاني، في قول الله: ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢)[الشمس: ٢]، قال: "ويقال: إذا تلاها فأخذ من ضوئها، وأنت قائل في الكلام: اتبعت قول أبي حنيفة، وأخذت بقول أبي حنيفة، والاتباع والتلو سواء".

٤٥١ - قال ابن الخطيب في مقدّمته في المنطق التي سمّاها: الآيات البيِّنات (١): "ومثال الحدسيّات هو أنا إذا شاهدنا اختلاف شكل القمر، قربه أو بعده من الشمس، يحصل لنا علم بأن ضوءه مستفاد من الشمس، وهذا الكلام في الحد، فإن علمنا بهذه المقدمة إن كان بديهيًّا فهو من البديهيَّات، فلا وجه لجعله فيها آخر في مقابلة البديهيات، وأيضًا فقد بيّنّا في كتب الحكمة أن هذه المقدمة ليست بيقينية، وإن كان مستفادًا من البرهان، فلا يكون هو من مبادئ البرهان".

فصل: ذكر شيخنا أبو العباس في حكمة الله تعالى في خلق الإنسان، قال (٢): "وأدنى ذلك أن العين والفم والأذن فيها مياه ورطوبة، فماء العين مالح، وماء الفم عذب، وماء الأذن مرّ، فإن العين شحمة، والملوحة تحفظها أن تذوب، وهذه أيضا حكمة تمليح ماء البحر، فإن له سببًا وحكمة؛ فسببه سبوخة أرضه وملوحتها، فهي توجب ملوحة مائه، وحكمتها أنها تمنع نتن الماء بما يموت فيه من الحيتان العظيمة، فإنه لولا ملوحة مائه لأنتن، ولو أنتن لفسد الهواء، حتى يموت بسبب ذلك خلق كثير؛ وماء


(١) الآيات البينات (ق ٣٣/ أ - ب - الإسكوريال ٦٥٠).
(٢) النبوات (٢/ ٩٢٢).