للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الله: وكذلك بعث الله إليه غاث بن عاد، والنبي يخيّره في إحدى ثلاث دواهي وأَعْلَمه أنْ لابدّ من إحداهنّ كفّارةً لذنبه وهنّ: إما جوعُ سبع سنين، واما هروبٌ عن أعدائه ثلاثة أشهر، وإما طاعونُ ثلاثة أيام، فقال داود النبي: لأقع بين يدي الله وأدبه خير من الوقوع بأيدي الأعداء وقتلهم، فاختار الطاعون، فمات من بني إسرائيل من وقت الصبح إلى مغيب النهار سبعون ألفًا، وظهر لداود النبي ملَكٌ يطعن الناس، فرغب إلى الله وقال: الذنب لي وقَبَلي، يارب فاقتلني وأهلي واعف عن خلقك، وإذ ذلك أمره غاثٌ النبي أن يقيم مذبحًا ويقدّس الله عليه قربانًا، ففعل، وانقطع الطاعون عن بني إسرائيل.

وذكر من أخبار داود قبل هذا: أنه أمر بإحصاء بني إسرائيل أجمعين، وأُجري ذلك على يدي بُوابَ بنِ شربياء صاحب خيله، فعمل في إحصائهم والتطوّف عليهم تسعة أشهر وعشرين يومًا، وألفى في قبائل بني إسرائيل سوى سبط يهوذا ثمانمائة ألف رجل ممن يقوى على حمل السلاح، وألفى في سبط يهوذا خمسمائة ألف يتلوه، وكذلك بعث الله إليه غاث كما تقدّم. وفي أخبار سليمان بن داود: ذكر أنه ولي أربعين سنة، وأنه تجلّى الله له في نومه في أوّل ولايته فقال له: سَلْ ما شئت لتعطاه، فسأل العلم فقال الله له: إنك سألت العلمَ ولم تسأل طولَ البقاء ولا المالَ ولا قتلَ الأعداء، فقد وهبتُ لك من العلم ما لم يبلغْه أحدٌ غيرُك، وجمعتُ لك إليه المالَ والقدرةَ، وفضّلتُك في ذلك على كل من مضى قبلك، قال: وبلغ سليمانُ في جميع العلوم مبلغًا تقدّم فيه أهلَ المشارق والمغارب، وله على ما يحكيه ديوانُ أخبار الأنبياء ثلاثة آلاف مثل، وفي الكلام الموزون ألف قصيدة وخمس قصائد في طريق التهليل على مثل ما كان الأنبياء يستعملون فيه موزون الكلام في عصرهم ذلك، وتكلّم في الشجر والنبات والحيوان والهوام، وفي أنواع العلوم وصنوف الفلسفة بما لم يقدر عليه غيره.