للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال: صِرْتُ إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل، فسألتُه عن اللفظ فقلت له: قد بدا في بلدنا وسألوني، فأيّ شيء ققول فيه؟ فقال: "يوجّه القرآنُ على خمس جهات"، فقلت: ما هي؟ فقال لي: "حفظٌ بالقلب، وتلاوةٌ باللسان، وسمعٌ بأذن، ونظرٌ بعين، وخطٌّ بيد"، فسألتُه عن شرحِ ذلك، فقال لي: "القلبُ مخلوقٌ والمحفوظُ بالقلب غيرُ مخلوق، واللسانُ مخلوقٌ والمتلوُّ به غيرُ مخلوق، والسمعُ مخلوقٌ والمسموعُ به غيرُ مخلوق، واليدُ مخلوقةٌ والمخطُوطُ به غيرُ مخلوق، والعينُ مخلوقةٌ والمنظورُ إليه غيرُ مخلوق"، فلما خرجتُ من عنده سبقني، فلما كان على باب داره أتاه رجلٌ ومعه امرأةٌ فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يكلّم جارًا له، فمرّ به بعد أيام وهو يقرأ القرآن، فلحن في قراءته فردّ عليه، فسكت عنه، ثم سأله ثانيًا فقال أحمد: "كيف حلفتَ؟ " فذكر، فقال أحمد: "لم تحنث، لا، بل كلّمتَه بكلام الخالق دون المخلوقين، واليمينُ على كلام المخلوقين".

قال البيهقي: وهذا الذي شرحه أحمدُ صحيحٌ، وكلُّ ذلك يرجعُ إلى ما كان من أكسابنا بهذه الجوارح المخلوقة، دلالةً على كلام الله، وهي مخلوقة، وكلامُ الله المفهومُ من هذه الجوارح غيرُ مخلوق، وبالله التوفيق.

٩٦٤ - وقال أبو نصر السِّجْزي (١): أبنا إسماعيل بن سلمة بن أبي الجوع -هو: المالكي -عرضًا-. وأخبرني بها عنه أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد المقرئ- هو: الشافعي -قراءةً عليه-، قال: قرأتُ على إبراهيم بن


(١) لم أجد النصر في رسالة السجزي إلى أهل زيد، فلعله صمن كتابه الكبير: الإبانة. وهو أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم، شيخ الحرم، توفي بعكة سنة (٤٤٤ هـ). السير (١٧/ ٦٥٤ - ٦٥٦).