قال أبو عمر يوسف بن محمد بن عبد البر النمرى رضى اللَّه عنه: الحمد للَّه رب العالمين ربنا ورب آبائنا الأولين، وخالق الخلق أجمعين المستقدمين منهم والمستأخرين، ومفنيهم، ثم باعثهم يوم الدين يجزى برحمته المطيعين، وبعذابه وعقابه العاصين ويغفر لمن يشاء وهو أرحم الراحمين، وصلى اللَّه على محمد خاتم النبيين.
أما بعد: فإنى لما جمعت كتابى في أسماء المعروفين بالكنى من حملة العلم ونقلة الحديث من التابعين ومن بعدهم من الخالفين واتبعته بذكر من لم يوقف له منهم على اسم ولا عرف بغير كنيته، وأتيت على آخر ذلك كله بعون اللَّه وفضله، كنت قد جمعت في كتاب الاستيعاب ذكر جميع الصحابة رضى اللَّه عنهم، من عرف منهم باسمه، ومن عرف بكنيته، ومن ذكر منهم بهما، وذكرت هناك أنسابهم وعيونا من أخبارهم وفضائلهم. ومن لم يعرف له منهم إلا خبر واحد ذكرته به على حسب ما تضمنه الشرط فيهم في ذلك الكتاب.
فرأيت أن كمال فائدة هذا الكتاب أن أذكر فيه من الصحابة رضى اللَّه عنهم من عرف منهم أيضًا بكنيته واشتهر بها ولم يوقف على اسمه، أو عرف اسمه على اختلاف فيه، كما فعلت في التابعين ومن بعدهم، واختصر الذكر فيهم، بالإشارة إليهم بما يقرب على الطالب المريد حفظه وتناوله إذ في كتابنا فيهم من الخبر والنسب والتعريف بهم ما يقف به الناظر فيه على أحوالهم ومراتبهم، وسوابقهم، حتى كأنه قد شاهدهم وأقتصر في هذا الكتاب على أسماء المعروفين منهم بالكنى مجردة من الحشى. والتعريف على ما فعلته في التابعين ومن بعدهم من الخالفين الحاملين لعلم الدين والناقلين للسنن والأخبار في أمصار المسلمين.
واللَّه أسأله عونى على ما يرضيه، ويقرب منه فيما قصدت له وهو حسبى ونعم الوكيل.