ينفرد بترجيحات وآراء نافعة مفيدة. وأحيانا يخالف أقوال من سبقه بما يترجح عنده من أدلة، وكان كثيرا ما يقول إذا أراد أن ينفرد برأى أو يرجح مسألة أو يذكر فائدة أو ريادة:"قال أبو عمر": وانظر على سبيل المثال الكنى التالية: ٧٧، ١٢٦، ١٣٠، ٣٥٤، ٣٩١، ٤٠٩، ٤٣٠، ٥٣٨، ٦٦٥، ٧٣٠، ٨٥٧، ٩٣٩، ٩٩٢، ١١٤٢، ١١٩٤، ١٢٢٩، ١٣٠٣، ١٨٦٣، ٢٠٢٦، ٢٢٥٧ وغيرها كثير مما ستلاحظه في هذا الكتاب.
هكذا كان منهج ابن عبد البر في هذين الكتابين الثانى والثالث في ذكر التراجم غير أن تراجم الكتاب الثالث مختصرة في أغلب الأحيان وخاصة من ناحية ذكر الشيوخ والتلاميذ، ولعل السبب في هذا هو أن أكثر أصحاب هذه التراجم مجاهيل وقد قال ابن عبد البر: كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد لا يعرف إلا بذلك فهو مجهول عندهم لا تقوم به حجة أكثر هؤلاء الذين لا يعرفون إلا بكناهم كذلك. أهـ. واللَّه أعلم.
رابعا: منهجه في نقد الرجال والحكم على الأحاديث.
والحافظ ابن عبد البر لم يقتصر في هذا الكتاب على ذكر الكنى والأسماء كما سبق وأن عرفت، وإنما أهتم أيضا اهتمامًا كبيرًا بذكر الجرح والعدالة في الرجال وذكر الأحاديث والآثار وتعرض أيضا لدراسة بعض هذه الأحاديث والحكم عليها فهو يصحح ويضعف ويعدل ويجرح، وأصبحت أقواله في هذا الشأن معتمدة عند الحفاظ والنقاد، فتناقلها الكثيرون منهم في كتبهم واعتمدوها في حكمهم (١) وان هذه المسألة مع أهميتها لا تحتاج إلى كبير تدليل وتوضيح. وذلك لأن المطلع على أية
(١) انظر المبحث الثانى من الباب الثانى حيث ذكرت هناك بعض أرقام الكنى التى ذكرت في تحقيقها بعض الأراء والأحكام التى قالها الحافظ ابن عبد البر ونقلها عنه كبار الأئمة والحفاظ.