للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الركن السادس

الموالاة: وهذا هو الفرض السادس من فروض الوضوء, وهي أن يكون الشيء موالياً للشيء, أي عقبه بدون تأخير.

والقاعدة: {أن كل العبادات البدنية المركبة من أجزاء فهذه لابد لها من الموالاة}.

من أمثلة ذلك:

التيمم: هذا عبادة بدنية مركبة من أجزاء مركبة لأنه عندنا الضرب على الأرض والثاني مسح الوجه, والثالث مسح اليدين, ثلاثة أجزاء لابد لها من الموالاة, فلا يصح أن يضرب على الأرض وبعد ساعة يمسح وجهه ويديه, لأنها عبادة بدنية مركبة من أجزاء فلابد من التوالي.

[س٨٧: ما أدلة اشتراط الموالاة؟]

ج/ أدلة اشتراط الموالاة ما يلي:

أ- قوله تعالى في الآية - السابقة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَأغسلوا وُجُوهَكُمْ ... - الآية.

وجه الدلالة: أن جواب الشرط يكون متتابعاً لا يتأخر, ضرورة أن المشروط يلي الشرط.

ب- من السنة: أن النبي - توضأ متوالياً ولم يكن بفصل بين أعضاء وضوئه, وفي حديث أنس - - أن النبي - رأى رجلاً توضأ وترك على ظهر قدمه مثل موضع ظفر لم يصبه الماء فأمره أن يحسن الوضوء (١) - , وفي رواية - ارجع فأحسن وضوءك - (٢) , وعند الإمام أحمد - يعيد الوضوء - (٣).

[س٨٨: من الحديثين السابقين ما الفرق بين إحسان الوضوء وإعادته؟]

ج/ الفرق بين اللفظين ظاهر إذا لم يُحمل أحدهما على الآخر أن الأمر بإحسان الوضوء أي إتمام ما نقص منه, وهذا يقتضي غسل ما ترك دون ما سبق, ويمكن حمل رواية مسلم على رواية أحمد, فلابد من إعادة الوضوء, ورواية أحمد سندها جيد قاله أحمد, وقال ابن كثير: حديثٌ صحيح.

ومن النظر: أن الوضوء عبادة واحدة فإذا فرّق بين أجزائها لم تكن عبادةَ واحدة.

[س٨٩: ما ضابط الموالاة؟]

ج/ أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله, وتقييده بهذا أقرب إلى الضبط, ولكن يُستثنى من ذلك ما إذا فاتت الموالاة لأمر يتعلق بالطهارة كأن يكون بأحد أعضائه حائل يمنع وصول الماء كالبوية مثلاً إذا اشتغل بإزالته فإنه لا يضر, وكذلك لو نفذ الماء وجعل يستخرجه من البئر, أو انتقل من صنبور لآخر حتى ولو نشفت الأعضاء فإنه لا يضر.

أما إذا فاتت الموالاة لأمر لا يتعلق بالطهارة, كأن يجد على ثوبه دماً فيشتغل بإزالته حتى نشفت أعضاؤه فيجب عليه إعادة الوضوء لأن هذا لا يتعلق بطهارته.


(١) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن القيم في تهذيب السنن, ونُقل أن الإمام أحمد صححه.

<<  <   >  >>