للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس عندي عشرة، فلا يلزم ألا يكون عنده تسعة، أو أقل، فإنه إنما نفى المجموع خاصة، وليس فيه نفي أفراده، هذا في النفي، وتقول في النهي: لا تكرم عشرة، فإنه نهي عن إكرام مجموع العشرة، وليس فيه نهي عن إكرام أقل من عشرة، فيجوز له أن يكرم تسعة، أو ثمانية، أو غيرها من أفراد العشرة.

فظهر بهذا التقرير (١): أن الكل يتناول أفراده في الإثبات، ولا يتناولها في النفي، والإثبات (٢) أعم من النفي والنهي.

فلو قلنا: العموم مدلوله الكل، لتعذر الاستدلال بالعموم في حالة النفي والنهي كما يتعذر بالكل، فإذا قال الشارع مثلًا: لا تقتلوا صبيان الكفار، وقلنا: مدلوله الكل، فيقتضي النهي عن قتل مجموع الصبيان؛ لأن المفروض أن مدلوله (٣) الكل، وهو: المجموع من حيث هو مجموع، وليس فيه نهي عن قتل صبي واحد أو صبيين؛ لأنه إنما نهى عن قتل المجموع، وليس هذا شأن العموم، فإن العموم يتناول الأفراد مطلقًا في الثبوت والنفي، فإن مقتضى العموم في قولنا: لا تقتلوا صبيان الكفار هو: النهي عن قتلهم مطلقًا، لا فرق بين اتحادهم وتعددهم؛ لأن مقتضى العموم هو (٤): تتبع أفراده للحكم (٥) حتى لا يبقى فرد.

وتقول في النفي: إني لا أحب الكافرين، فهذا عام، فلو قلنا: مدلوله


(١) في ط: "التقدير".
(٢) في ط وز: "النفي".
(٣) المثبت من ز وط، وفي الأصل: "دلوله".
(٤) "هو" ساقطة من ط، وفي ز: "هي".
(٥) في ط وز: "الأفراد بالحكم".