للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (١).

والمجاز الثاني: هو أصل الإدراك، وهو مطلق العلم، والعلاقة بين المجازين المذكورين والحقيقة المذكورة: اشتراك الجميع في مطلق الإدراك (٢)، فاختلف العلماء في محمل (٣) الذوق في الآية، هل يحمل على إدراك ما قام بالإنسان أو يحمل على العلم؟

حجة القول بحمله على ما قام بالإنسان من موت: أن هذا المجاز أقرب إلى الحقيقة؛ لأن الحقيقة فيها ثلاثة أوصاف وهي: الإدراك، والطعم، وكونه قائمًا بالمدرك، ولم يعدم من هذه الأوصاف في هذا المجاز إلا وصف واحد وهو الطعم، ووجد فيه الوصفان الباقيان وهما (٤): الإدراك، وكونه قائمًا بالمدرك.

وأما المجاز الثاني فقد عدم فيه وصفان، وهما: الطعم، وكونه قائمًا بالمدرك، وأما المجاز الأول فلم يعدم فيه إلا وصف واحد، ولذلك قلنا:


(١) سورة آل عمران آية رقم ١٨٥، وبعدها: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، وسورة الأنبياء آية رقم ٣٥ وبعدها: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}، وسورة العنكبوت آية رقم ٥٧، وتمامها: {ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
(٢) جاء في كتب العربية إشارة إلى هذه المعاني الثلاثة، فإنهم قالوا: ذاق الطعام اختبر طعمه، ومن المجاز: ذقت فلانًا وذقت ما عنده أي خبرته، وذاق القوس: تعرفها، وأمر مستذاق: مجرب معلوم.
قال ابن الأعرابي: الذوق يكون بالفم وبغير الفم. اهـ.
انظر: اللسان لابن منظور، وتاج العروس للزبيدي، والصحاح للجوهري، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، كلها في مادة: ذوق، والأفعال للمعافري ٣/ ٦٠٦.
(٣) "محل" في الأصل.
(٤) "في هذا" في ز.