للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو أقرب إلى الحقيقة؛ فالحقيقة مقدَّم، والأقرب إلى المقدم مقدم على الأبعد عن (١) المقدم، فيكون الاستثناء على هذا القول منقطعًا؛ لأن الحكم فيه بغير النقيض؛ لأن الموت لا يقوم (٢) بهم في الجنة (٣)، وهو مذهب المؤلف (٤).

وحجة القول بحمل الذوق على العلم: أن الأصل في الاستثناء الاتصال (٥)، فمتى أمكن ذلك لا يعدل عنه تغليبًا للأصل، وهو ممكن ها هنا، فتقديره: لا يعلمون فيها الموت إلا الموتة الأولى، فإنهم يعلمونها في الجنة، فيكون الاستثناء على هذا القول متصلاً؛ لأنه اجتمع فيه القيدان، الاستثناء من الجنس، والحكم بالنقيض؛ لأن نقيض لا يعلمون فيها الموت: يعلمون فيها الموت (٦).

فسبب الخلاف إذًا في الاستثناء في هذه الآية، هل هو متصل أو منقطع (٧): هو الخلاف في معنى الذوق، فمن قال: معناه العلم، قال: [هو] (٨) متصل ومن قال: معناه الإدراك (٩)، قال: هو منفصل (١٠).


(١) "من" في ز.
(٢) "لا تقوم" في ز.
(٣) "الحقيقة" في ز.
(٤) انظر: شرح القرافي ص ٢٤٠، والاستغناء ص ٤٨٣.
(٥) في هامش الأصل ما يلي: انظر الأصل في الاستثناء الاتصال. اهـ. وهو تعليق من الناسخ تكرر كثيرًا للتنبيه إلى الفوائد.
(٦) انظر: الاستغناء ص ٤٨٣، وشرح المسطاسي ص ١٢٨ من مخطوط مكناس رقم ٣٥٢.
(٧) "منفصل" في ز.
(٨) ساقط من ز.
(٩) يريد بالإدراك هنا: إدراك ما قام بالإنسان من موت ونحوه، وهو المجاز الأول الأقرب إلى الحقيقة، كما سبق بيانه، ولا يريد مطلق الإدراك الذي هو العلم.
(١٠) الصواب أن يقول: منقطع، كما تقدم تقديره؛ لأن الاستثناء المنفصل لا مدخل له في الخلاف في هذه المسألة.