للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله (١) تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (٢)، هذه الآية تقتضي أن الإنسان لا يموت إلا مرة واحدة، وهذا مخالف لقوله تعالى في آية أخرى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} (٣)، فهذه الآية تقتضي أن الإنسان يموت مرتين (٤)، وما الجمع (٥) بين الآيتين؟

أجيب عن ذلك بأن قيل: الآية التي تقتضي موتتين (٦) إنما هي في الأجساد، والآية التي تقتضي موتة واحدة إنما هي في الأرواح؛ وذلك أن الأجساد فيها موتتان: إحداهما (٧) موتهم حيث كانوا نطفًا، والموتة الثانية (٨) حين حل أجلهم، وأما الأرواح فلا تموت إلا موتة واحدة، وذلك عند النفخة الأولى وهي نفخة الصعق (٩) ...............................


(١) قوله: في ز.
(٢) سورة الدخان آية رقم ٥٦.
(٣) سورة غافر آية رقم ١١.
(٤) "موتين" في ز.
(٥) "الجمع" في ز.
(٦) "موتين" في ز.
(٧) "أداهما" في ز.
(٨) "موتهم" زيادة في ز.
(٩) بناء على هذا التفسير يكون هناك ثلاث موتات: حين كانوا نطفًا، وعند حلول الأجل، وعند الصعق.
والذي عليه جماهير السلف: أن المراد بالآية الأولى: الموت عند الأجل وهو مفارقة الروح للجسد، والمراد بالموتتين في الثانية: موتهم حين كانوا نطفًا، وموتة الأجل، وأما نفخة الصعق فهي والله أعلم موت من لم يذق طعم الموت، أما من ذاق طعمه أو لم يكتب عليه الموت أصلاً. فلا تدل الآية على أنه يموت موتة ثالثة. وصعق الأرواح لا يلزم منه موتها؛ فإن الناس يصعقون يوم القيامة إذا جاء الله سبحانه لفصل القضاء وليس ذلك بموت، وكذلك صعق موسى - عليه السلام - لم يكن موتًا. =