للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبد؛ إذ لا يعرى منه بشر (١).

وأما ما له ظاهر، كالعام الذي أريد به الخاص إذا تأخر بيانه عن وقت الخطاب، فإن السامع يعتقد أن الخاص ليس مراد الله تعالى لظهور اللفظ في إرادة العموم دون الخصوص، وذلك جهل مركب.

فقال أبو الحسن: لا أجوز على الله تعالى إيقاع عبده في الجهل المركب لفرط قبحه ولإمكان السلامة منه، فيجب تعجيل البيان الإجمالي بأن يقول الله تعالى: هذا الظاهر ليس مرادًا، فيذهب الجهل المركب ويبقى البسيط فقط، فيتأخر بيانه التفصيلي إلى وقت حاجة (٢) (٣).

قال المؤلف في الشرح: وأما اتفاقهم معنا على جواز تأخير البيان بالنسخ؛ لأن النسخ يستحيل أن يقع إلا مؤخرًا؛ لأن التأخير من ضروريات النسخ، فإنه لو عجل بيانه في وقت الخطاب، مثل أن يقول الله تعالى: سأنسخ عنكم وقوف الواحد للعشرة في الجهاد بعد سنة لكان ذلك من باب المُغيَّا بالغاية لا من باب النسخ كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٤)، فمن ضرورة النسخ تأخير البيان فيه، فلذلك وافقونا عليه بخلاف غير النسخ من البيانات ليس من ضرورته تأخير البيان (٥).

قوله: (ومنع أبو الحسين منه فيما له ظاهر أريد خلافه)، أي كالعام إذا


(١) انظر: المعتمد لأبي الحسين ١/ ٣٤٧، والمحصول ١/ ٣/ ٢٨١.
(٢) كذا في الأصل ولو قال: حاجته، لكان أحسن.
(٣) انظر: المعتمد ١/ ٣٤٣، ٣٤٦، والمحصول ١/ ٣/ ٢٨١، وشرح القرافي ص ٢٨٣.
(٤) سورة البقرة آية رقم ١٨٧.
(٥) انظر: شرح القرافي ص ٢٨٣، وفي النقل تصرف.