للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل المؤلف ذلك بالنذر، قال ابن رشد: حقيقة النذر التزام ما لا يلزم من الطاعات، فإذا بلغنا أن النبي عليه السلام نذر صلاة أو غيرها من المندوبات وفعلها قضينا على أن ذلك الفعل بالوجوب؛ لأن فعل المنذور واجب (١).

قوله: (وبكونه جزاء لسبب الوجوب)، تقديره: وبكونه جوابًا لشرط الوجوب كالنذر، وذلك أن الفعل لا يجب أولاً قبل النذر، ثم إنه لما جعل جوابًا لشرط صار واجبًا إذا وجد شرطه، كقولك: إن شفى الله مريضي، أو قدم غائبي، فعلي كذا وكذا من الطاعات.

قوله: (وبكونه جزاء لسبب الوجوب) هذه النسخة لا تتناول إلا النذر المعلق على شرطه كما تقدم تمثيله، ولا تتناول النذر المطلق، كقوله: لله علي أن أفعل كذا وكذا من الطاعات، من غير تعليق ذلك النذر على شرط، وفي بعض النسخ: "وبكونه جزءًا لسب الوجوب كالنذر"، من غير ألف قبل الهمزة (٢)، فقوله: كالنذر، هو أحد جزئي السبب، والجزء الآخر: هو كون المنذور مندوبًا إليه قبل النذر، لأن النذر لا تعلق له بالمحرم ولا بالمكروه ولا بالواجب ولا بالمباح، وإنما يتعلق بالمندوب فقط، فإذا كان مندوبًا إليه قبل النذر، ثم نذره وفعله لأجل النذر علمنا أن تأثير النذر إنما هو في الوجوب، فسبب الوجوب إذًا: النذر والندب.

قوله: (تفريع: إِذا وجب الاتباع وعارض فعله قوله (٣)، فإِن تقدم القول وتأخر (٤) الفعل نسخ الفعل القول، كان القول خاصًا به أو بأمته أو عمهما،


(١) انظر: شرح القرافي ص ٢٩٢، والمسطاسي ص ٤٧.
(٢) وهو ما في النسخة المطبوعة مع الذخيرة، فانظر مقدمة الذخيرة ١/ ١٠٢.
(٣) في ش: "وعارض قوله عليه السلام فعله".
(٤) "أو تأخر" في أ.