للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجة رابعة أيضًا: ما تقدم لنا من أنه يقترح من ذاته أشياء يعتقد مناسبتها، ويخشى ألا تكون مناسبة، فلو كان متعبدًا بشرع من قبلنا (١) لما احتاج إلى ذلك (٢).

وأما القائلون بالتعبد فحجتهم من وجهين:

أحدهما: أن شريعة من قبله عامة للأشخاص والأزمان، فوجب دخوله عليه السلام فيها ما لم يرد ناسخ، ولا ناسخ قبل نبوته، فوجب اندراجه فيها (٣).

والوجه الثاني: أنه عليه السلام كان يأكل اللحم والفواكه، ويركب الدواب، ويطوف بالبيت، ويصل الرحم، ويتقي الفواحش ولا بد من ذلك من مستند، ولا مستند [إلا] (٤) الشرائع المتقدمة على مذهب أهل السنة القائلين بأن العقل لا يفيد الأحكام الشرعية، وإنما الذي يفيدها هو الشرائع (٥).

أجيب عن الأول، الذي هو قولهم: شريعة من قبله عامة فيدخل فيها، بأن ذلك دعوى لا برهان لها؛ إذ لا نسلم عمومها، وأيضًا سلمنا عمومها،


(١) الأولى: "من قبله".
(٢) انظر: المسطاسي ص ٤٩.
(٣) انظر: المستصفى ١/ ٢٤٧، والمحصول ١/ ٣/ ٣٩٩، وشرح القرافي ص ٢٩٦، والمسطاسي ص ٤٩.
(٤) ليست في الأصل، والعبارة لا تستقيم بدونها، وهي في شرح القرافي ص ٢٩٦، والمسطاسي ص ٤٩ - ٥٠.
(٥) يعني بذلك مذهب الأشاعرة في هذه المسألة.
فانظر: الإرشاد للجويني ص ٨، وانظر: فتاوى ابن تيمية ٦/ ٤٦٩ وما بعدها.