للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استعمل المؤلف ها هنا نوعًا من علم البديع وهو الترديد، وهو من الفصاحة اللفظية.

وهو أن تعلق الكلمة في المصراع - أو مثله من النثر - بمعنى ثم تعلقها فيه بمعنى آخر (١)، ومنه قوله تعالى: {حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} (٢)، وقد يجتمع في مصراع واحد ترديدان كقوله:

ليس بما ليس به باس باس ... ولا يضر المرء ما قال الناس (٣)

وحجة ثانية أيضًا: أن الشرائع المتقدمة قد اندرست ولم يبق منها ما يتمسك به أهلها فضلاً عن غيرهم (٤).

وحجة ثالثة أيضًا: أنه لو كان متعبدًا بشريعة من قبلنا لكان يراجع علماء تلك الشريعة ويسألهم؛ إذ لم يقع ذلك، ولو وقع لاشتهر، ولو اشتهر لنقل إلينا (٥).


(١) قال ابن حجة في الخزانة: الترديد هو أن يعلق الشاعر لفظة في بيت واحد بمعنى، ثم يرددها فيه بعينها ويعلقها بمعنى آخر ... والذي أقوله: إن الترديد والتكرار ليس تحتهما كبير أمر ولا بينهما وبين أنواع البديع قرب ولا نسبة لانحطاط قدرهما عن ذلك ... وللترديد بعض مزية يتميز بها على التكرار، ويتحلى بشعارها. اهـ.
انظر: خزانة الأدب وغاية الأرب لتقي الدين ابن حجة الحموي ص ١٦٤.
وانظر أيضًا: تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن لابن أبي إصبع المصري ص ٢٥٣.
(٢) سورة الأنعام آية رقم ١٢٤.
(٣) لم أجد هذا البيت في شيء من المراجع التي طالعتها.
(٤) انظر: شرح القرافي ص ٢٩٦، والمسطاسي ص ٤٩.
(٥) انظر: المعتمد ٢/ ٩٠٠، ونهاية السول ٣/ ٤٨، وشرح القرافي ص ٢٩٦، وشرح المسطاسي ص ٤٩.